ما أعجب أحوال هذا الطقس! فها نحن في شهر حزيران، لكن هذا الطقس يتصرف بمكر وخداع، فإذ ييتعد عن منزله ما يقاب من ثلاثمئة خطوة حتى يبدأ المطر الغزيز بالهطول. فيقرع الجرس، ويعود). وما إن ييتعد ليبل من منزله ما يقرب من ثلاثمئة خطوة، حتى تشرق الشمس ونظرا لانه لم يعد يملك الرغبة في العودة ثانية إلى المنزل، فقد صار يتوجب عليه أن يتسوق وهو يرتدي معطفه المطري تحت أشعة الشمس وعندما لا يعود إلى منزله سريعا عند رؤيته لقطرات المطر الأولى، لأنه يقول لنفسه: «سيتوقف هطول المطر حالا، فإن نزول الامطار يستمر مدة ما بعد الظهر، يعود بعدها ليبل إلى منزل مبتلا كممحاة السبورة. عل وجه التحديد، ما الذي بينك وبين الطقس، كان والده حسن الحديث، وكان يمضي مسقط يومه في المنزل و(فيليب) ليس اسما رديئا. فقد سمياه ليبل مؤمنين بأنه اختصار طبيعي لاسم (فيليب). وهذا ما ظل الفتى يؤمن به، حتى بلوغه سن السادسة، هناك فوجىء الصبي بأن اسمه: (فيليب ماتنهايم). كان الآخرون يقرؤونه (بيليب)؛ لأن كثيرين من هؤلاء لم يكونوا يعرفون أن الحرفين اللاتينيين (ph)) يلفظان في العادة كحرف الفاء. ويتجه إلى السبورة، ويستخرج أوراق الرسم، ويضعها عل المقعد الأول (حيث تجلس (إلفيرا) تلميذته المفضلة) وخاطبها بقول: - وزعي الأوراق يا (إلفيرا) من فضلك! ثم يجلس على كرسيه، ويبدأ بقراءة الجريدة. فكانت تنادي (سابينا)، فتتقدم (سابينا) نحو الأمام وتأخذ ورقة الرسم الخاضة بها، ثم تنادي على (روبرت) فيتقدم (روبرت) نحو الأمام، ويأخذ ورقة الرسم الخاصة به. وعندما تبدأ الحصة يستخرج قطعة اللبان من فمه، ويلفها بعناية ويضعها في ورقة فضية؛ ليستخدمها لمجددا عندما ينتهي الدرس. فقذ حدثت (إلفيرا) تلاميذ صفها أنها شاهدت هذا المعلم، بل عندما يتم الفراغ من توزيع أوراق الرسم. لذلك كان يشرع بقراءة الجريدة، قبل أن يتساءل عن السبب الذي أدى فجأة إلى توقف توزيع تلـك الأوراق. كان ليبل آخر من يعلم. وعندما صرخ المعلم بصوت مملوء بالتأنيب: ـ (فيليب ماتنهايم). أصيب ليبل بالذغر،