ولا شك أن هذا الوضع يولد مشكلات يتحتم من أجل التكيف معها إعادة النظر في دور المدرسة والكلية والجامعة. على الرغم من التفاوت بين هذه وتلك نتيجة التباين في المحتوى الحضاري والثقافي والأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية. ومن جهة أُخرى فقد رافق التقدم المعرفي انفجار سكاني هائل يتزايد فيه عدد سكان العالم سنوياً بمقدار مائة مليون على وجه التقريب بمعدلات عقد التسعينات ومن الطبيعي أن تتزايد تبعاً لذلك مشكلات الغذاء والتعليم والصحة والإسكان . وتتزايد مخاطر الصراع الناجم عن التداخل بين متغيرات تزايد عدد السكان والحراك الاجتماعي من الريف إلى المدينة والثورة العلمية والتقنية ومحدودية الموارد الطبيعية. وإذا كانت مرحلة جماعية التعليم وتعميمه قد قطعت أشواطاً بعيدة وبلغت غايتها في عدد من الدول العربية، فإن مرحلة التركيز على الكيف والنوع يجب أن تأخذ مكانها كأولوية قصوى في أي محاولة لتطوير العملية التربوية وتحديثها حتى تلبي الاحتياجات المتغيرة للطلبة و المجتمع. وبالقدر الذي تحل فيه مشكلات كثيرة مع تزايد المعرفة، فإن الانفجار السكاني و العولمة يوجدان مشكلات أكثر ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العالمي بشكل عام، لأن الثورة في مجال الاتصالات والمعلومات أزالت الحدود والحواجز ولم تترك خياراً لأي دولة في هذا العالم سوى أن تؤثر وتتأثر بالأحداث الجارية أينما كانت ولأن المشكلات المعاصرة الناجمة عن عوامل التقدم المعرفي والتزايد السكاني ومحدودية الموارد على درجة كبيرة من التعقيد، فإن الحاجة والمنطق يستدعيان أن تعتمد كل أمة على أبنائها الموهوبين والمتفوقين في التصدي لهذه المهمة وإيجاد أفضل الحلول للوفاء باحتياجاتهم بعد أن بات مؤكداً عدم جدوى الحلول المؤقتة القائمة على الصقل والتلميع فقط.