كما هيأت له المحاورات والمناظرات بين أصحاب الملل وهي مناظرات دفعت الشعراء كما دفعت غيرهم إلى التفكير المتصل، الشبهة فيه عن نفسه وفي ذلك يقول بشار بن برد : في شفاء العمى طول السؤال وإنما دوام العمى طول السكوت على الجهل فكن سائلا عـمـا عنـاك فإِنما * دعيت أخا عقل لتبحث بالعقل بل كان يلتمس أيضا في الكتب المترجمة من كل صنف. بديعيا، أو بعيد، ولنقف قليلا عند الثقافة الهندية في قول أبي نواس في بعض المغنيين هاجيا : قل لزهير إذا حدا رشدا . سخنت من شدة البرودة ، كذلك الثلج بارد حار أفرط في البرد عاد حارا مؤذيا . وكان تأثير الثقافة الفارسية في الشعر والشعراء أشد وأقوى من تأثير الثقافة الهندية، وقد مضى الشعراء منذ ظهور كتابي الأدب الكبير والأدب الصغير لابن المقفع يتأثرون بما نقله والسياسة ومن يرجع إلى بشار يجده يفرد للمشورة قطعة طويلة في إحدى مدائحه : إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن * برأي نصيح أو نصيحة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة * فإن الحوافــي قـــــة للـــقــوادم بما يزيدون محصولهم من تلك الثقافة، وأذهان الشعراء من حوله. وكان مما ترجم لهم من تلك الثقافة ( مراثي » فلاسفة اليونان للأسكندر المقدوني عند وفاته وقد نقل منها أبو العتاهية أطرافا إلى مراثيه : بكيتك يا علي بدمع عيني . وكانــت فـــي حياتـك لــي عظات * ولعل اكبر بيئة عنيت بهذه الثقافات المتنوعة، و المجداف من السفينة، والمعتقدات، وأن يتمثلها إلى أبعد حد ممكن ، وبدأوا بأنفسهم فتثقفوا من كل ما ترجم عن الهنود والفرس واليونان وعكفوا على الفلسفة اليونانية عكوفا جعلهم يقفون على كل شعبها ومناحيها في الفكر الدقيق ولم يلبثوا أن استكشفوا لأنفسهم عالمهم العقل الذي وكانوا يحاورون أصحاب الملل محللون مستنبطين . وبراهينه، وهو شغف صوَّرَهُ (بشر بن المعتمر إذ يقول : لله در العقل من رائد * وصاحب في العسر واليسر وقد سخر بشر عقله في نظم قصائد تدخل في التاريين الطبيعي يتحدث فيها عن مشاهد الطبيعة ودلالتها على قدرة الصانع الخالق. ومن أهم المشاكل التي عالجها الشعراء مشكلة الجبر و الاختيار وفكرة التولد ( وهو الفرد. أقل في اللفظ من لا الفترة،