وَقَالَتْ: مَا بِكَ يَا هند ؟! أراك كتيبة حزينة (1) قُلتُ: غَدًا سَتُنَظُمُ مَدْرَسَتُنَا رِحْلَةً لِصَفْنَا الصَّفِ السَّادِسِ. قَالَتْ: إِنِّي أَرَى هَذَا الْأَمْرَ مَدْعَاةَ لِلْفَرِحِ وَلَيْسَ لِلْحُزْن. قُلْتُ إِنَّ الرَّحلَةَ سَتَكُونُ إِلَى مَعْرِضُ الكِتَابِ، وَأَنَا كُنتُ أتمنى أن تَكُونَ لإحدى المدن الترفيهية، فَأَيُّ مُتْعَةِ سَتَكُونُ فِي مكان تَصْطَفُ فِيهِ الكُتُبُ، هذا المكان؟! قَالَتْ: أَمَّا أَنَا يَا بِنْتِي فَأَرَى أَنَّهَا سَتَكُونُ رِحْلَةً جَمِيلَةَ وتجربة مثيرة تستمتعون فيها جَمِيعًا، إِيَّاكَ أَنْ تَحْكُمِي عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ تُجَرِّبِيهِ ! فِي صَبَاحِ اليَومِ التَّالِي، كُنَّا عَلَى مَوعِدٍ مَعَ رِحْلَةٍ إِلَى معرض الكِتَابِ، دَخَلْنَا المَعْرِضَ، كَانَ مُزْدَحِمًا رِجَالًا وَنِسَاءً وَفِتْيَانًا وَفَتَيَاتٍ، صَحِبَتْنَا المُعَلِّمَةُ إِلَى وَقَالَتْ: قَبْلَ أَنْ تَأْخُذُوا جَوْلَةً في المعرض، إلى الكتاب، تعجِبْتُ وَقُلْتُ: كِتَابٌ يَتَحَدَثُ . !! بدأ العرض، وأصبحت ذاهلة ظهر أمامنا كتاب أنيق ذو تجليد فاخر وَالْوَانِ جَميلة، كُنتُ أتأمل منظره، ثُمَّ قَالَ أَشْكُرُكم على هذه الزيارَةِ الَّتِي خَصَصْتُمُونِي بها، ثم أكمل حديثه قائلا : ربما فَضْلَ بَعْضُ أَنْ يَقْضِيَ هَذَا الوَقْتَ في مكان للترفيه، وقد بود أَحَدُكُم أَنْ يَقْضِي سَاعَةَ النَّهَارِ هَذِهِ فِي تَنَاوُل وجبة إفطار شهية، ذلك: متعة الترفيه، وَكُلَّ مَا لَنَّ إنَّنِي اتَقُلْ بِكُم بَينَ المَاضِي وَالحَاضِرِ وَالمُسْتَقْبَلِ دُونَ أَنْ تُكَلِّفُوا أَنْفُسَكُم مَشَقَّةَ السَّفَرِ، وَأَقَدِّمُ لَكُم أَلْوَانَا من المعارف والخبرات، فَمَعِي لَا يَشْعُرُ إِنْسَانُ بِضَجَرٍ أَوْ مَلَلٍ، وَصَدِيقُ صَدُوقُ فِي الرَّجَاءِ وَعِندَ الشَّدَائِدِ، لَا أَفْشِي سِرًّا، وَلَا أَكْتُمُ نَفْعًا. أخذني حَدِيثَهُ السَّاحِرُ الذي وَاصَلَهُ بأسلوبه الجميل، فلقد نعم المتحدثُ، فَقَالَ: مُنذُ نحو سَبْعَةِ آلاف سنة ولدت في أرض الرافدين، لَقَدْ كُنتُ يَومَئِذٍ الْوَاحًا في مواضع كثيرة من الجزيرة العربية،