يتناول المطلب الثالث الطبيعة القانونية للشركات التجارية من خلال فرعين: الأول يبحث في العقد كمصدر للشركة، والثاني في طبيعتها كنظام قانوني. يُشير الفرع الأول إلى أن الشركة التجارية عقد شكلي ورضائي، تنبع طبيعتها من العقد الخاضع لقواعد التصرفات المالية، حيث تُحدد إرادة الشركاء أثرها القانوني. تستند الشركة لمبادئ العقود كـ"العقد شريعة المتعاقدين" و"سلطان الإرادة"، مع تدخل قانوني متزايد لتقييد إرادة الشركاء لحماية الثقة في العلاقات التجارية. أما الفرع الثاني، فيوضح أن تدخل القانون في تنظيم الشركات متفاوت، يصل في بعضها، كشركات الأموال، إلى قواعد قانونية آمرة تتجاوز القانون الأساسي، مما دفع بعض الباحثين إلى اعتبار الشركة نظامًا قانونيًا قائمًا بذاته، إذ تذوب إرادة الشركاء في شخصيتها المعنوية. لكن، يرى النص أن الشركة تمتلك طبيعة قانونية مزدوجة: تعاقدية في نشأتها، حيث يقتضي تعريفها كعقد توافق إرادتين على الأقل، لكنها تكتسب صفة النظام القانوني مع حصولها على الشخصية المعنوية. ظهور شركات الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة، التي تعتمد على الإرادة المنفردة، يُشكك في صبغتها التعاقدية، مما يدفع بعض الفقهاء لاعتبارها نظامًا قانونيًا أقرب للقانون منه للعقد، يتضمن قواعد قانونية لغرض مشترك، مما يجعل البعض يصنف الشركة "نظامًا" لا عقدًا.