اهتمام ميشيل فوكو بمسألة الذات، تساءل عن الأسباب التي جعلت المؤرخين يتركون على الهامش موضوع "الاهتمام بالنفس"، في الوقت الذي تم إعطاء أهمية متزايدة لمسألة "معرفة النفس". فالتأريخ الفلسفي لم يعط قيمة تُذكر بالنسبة لمبدإ "الاهتمام بالنفس" مقارنة مع سؤال "معرفة الذات". وهنا يربط فوكو بين إهمال مبدإ الاهتمام بالنفس ومشكلة الحقيقة وتاريخ الحقيقة، فكيف يفسّر ميشيل فوكو العلاقة التي ربطت بين نسيان مبدإ الاهتمام بالنفس وتمجيد مسألة "معرفة النفس"؟ 1- ميشيل فوكو والأمر السقراطي:"اعرف نفسك" استقطبت إشكالية الذات والحقيقة اهتمامات ميشيل فوكو الفكرية والفلسفية، دفعته إلى البحث في مفهوم أو تصور "الاهتمام بالذات" epimeleia heautauودراسة العلاقة بين الذات والحقيقة. في الوقت الذي تم إيلاء اهتمام خاص بمسألة "معرفة الذات". يرجع فوكو أصل "مسألة معرفة الذات" إلى ذلك التصور الذي نحث على مدخل معبد دلفي القائل "اعرف نفسك"gnosthi seauton أو cura sui باللغة اللاثينية، يشير فوكو إلى أن وصية "اعرف نفسك" التي تم نحتها على حجر المعبد، بل يذهب ديفرداسDéfardas في كتابه:"مواضيع الدعاية الدلفية" إلى أن "اعرف نفسك" لم تكن أبدا مبدأ لمعرفة الذات(1). يؤكد فوكو على أن عبارة "اعرف نفسك" قد ظهرت في الفلسفة عندما ارتبطت بشخص سقراط Socrate، يتمثل التمييز الجديد الذي ألح عليه فوكو في تبعية الاهتمام بالنفس بقاعدة "اعرف نفسك". هنالك قاعدة "اعرف نفسك"(3). حتى يصيروا أفاضل. آخذا هذا في إقناع كل شخص منكم بأن لا يقدم العناية بأي شيء من شؤونه على العناية بنفسه، بحيث أصبح ظاهرة ثقافية جامعة، حيث توسع مفهومه وتعددت معانيه ودلالاته، مع موضوع الاهتمام بالنفس، وهو تصور قطع مسارا إلى غاية القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد، يظهر إذن قيمة مسألة "الاهتمام بالذات" في تاريخ الفكر،