منازعات العمل الجماعية: ومن جهة أخرى المستخدم أو مجموعة المستخدمين أو التنظيم النقابي المثل لهم، حول تفسير أو تنفيذ قاعدة قانونية أو تنظيمية أو اتفاقيه جماعية التي تتعلق بشروط وأحكام وظروف العمل. فالسبب المؤدي إلى النّزاع الجماعي هو تفسير أو تنفيذ قاعدة قانونية " فيما يخص تشريع العمل "أو اتفاقيه، بينما يعود سبب النزاع الفردي في العمل إلى تنفيذ عقد العمل. كما يمكن أن يتمثل ال ّسبب في النّزاع الجماعي في المسائل الاجتماعية أو المهنية أو الاقتصادية. عرف المشرع الجزائري منازعات العمل الجماعية من خلال المادة 02من القانون رقم ، 08-23 حيث ع ّرف النزاع الجماعي على أساس كل خالف يتعلق بالعالقات الاجتماعية والمهنية والشروط العامة للعمل، ولم تتم تسويته في إطار الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون. بل هو نزاع واحد من حيث ال ّسبب والهدف يشترك فيه جميع العمال أو مجموعة منهم، بينما في النزاع الفردي تتعدد الأسباب وتختلف الأهداف باختلاف مطالب كل عامل. الأولى وقائية إدارية التي تمتد من الداّخل إلى خارج المؤّسسة المستخدمة، والثانية قضائية أمام القسم الاجتماعي للمحكمة المختصة. وهذا ما لم نجده في التشريع السابق لسنة 1990 كما أضاف في الفصل الثاني من القانون الجديد مجموعة من التعاريف لمصطلحات تدور في فلك تسوية النزاع الجماعي. المبحث الأول: الإجراءات الوقائية من النزاعات الجماعية في العمل تهدف هذه الإجراءات إلى تفادي النزاع الجماعي، حيث يعتمد عليها قبل نشوب النزاع بغرض تفادي اجراءات التقاضي أمام القسم الاجتماعي للمحكمة المختصة طبقا للمادة 500 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث هناك وسيلتين وقائيتين لتفادي وقوع النّزاعات الجماعية نتناولها في المطلبين التاليين: المطلب الأول: التفاوض الجماعي المباشر حيث نصت عليه المادة 05 من القانون 23-08 بصفة مشتركة، وضعية العالقات الاجتماعية والمهنية والظروف العامة للعمل داخل الهيئات المستخدمة. تحدّد كيفيات تطبيق هذه المادة، في حالة غياب احكام اتفاقية حول دورية الاجتماعات ، يجب ان تعقد هذه الاجتماعات مرة واحدة كل سداسي على الأقل" . وهذه الفقرة أضيفت في التشريع الجديد. أما بالنسبة للقطاع الاقتصادي، وكنموذج عن الاتفاقيات الجماعية للعمل نجد اتفاقية شركة سوناطراك لسنة 1994 التي أشارت في المادة 345 منها إلى الاجتماعات الدورية ومناقشة مشاكل العمال والتفاوض حوله. المطلب الثاني: اللجان المشتركة وفي هذا الإطار منح المشرع من خلال قانون عالقات العمل صلاحيات واسعة أجهزة المشاركة الموجودة على مستوى المؤسسات المستخدمة وقد نصت المادة 94، " للجنة المشاركة الصلاحيات التالية: - تطّور عدد المستخدمين وهيكل الشغل. - مراقبة تنفيذ الأحكام المطبقة في ميدان الشغل والوقاية الصحية والأمن والأحكام المتعلقة بالضمان الاجتماعي. - ابداء الرأي قبل تنفيذ المستخدم القرارات المتعلقة بما يلي: - تنظيم العمل) مقاييس العمل، إعادة توزيع العمال وتقليص عددهم - النظام الداخلي للهيئة المستخدمة. يجب الإدلاء بالآراء في أجل أقصاه خمسة عشر يوما بعد تقديم المستخدم لعرض الأسباب، يتم إخطار مفتش العمل وجوبا. إذا أسند تسيير الخدمات الاجتماعية للمستخدم بعد موافقته، - الاطلاع على الكشوف المالية للهيئة المستخدمة، و تجدر الإشارة أن مشاركة العمال في الهيئة المستخدمة تكون بمندوبين حسب عدد العمال الموجودين بالمؤسسة، - من 20 إلى 50 عاملا: مندوب 1 واحد. - من 51 إلى 150 عاملا: مندوبين 2 اثنين. - من 401 إلى 1000 عامل: ستة 6 مندوبين. م على موضوع اللجان المشاركة بالنسبة للمؤسسات المستخدمة فالملاحظ هنا أننا ال يمكن لنا أن نتكل الصغيرة التي تحوي على عدد من العمال أقل من عشرين عاملا، وهو نفس الأمر بالنسبة لعدم توافر الأنظمة الداخلية بالنسبة لها. فمن المقرر أن بالنسبة للمؤسسات الصغيرة، في إطار تفادي وقوع المستخدم والعمال في خلافات جماعية، نجد اتفاقية جماعية نصت على هذا الإجراء وهي اتفاقية البنوك والمؤسسات المالية، حيث نصت المادة 69 منها على ما يلي " في حالة نشوب خالف بين المستخدم والممثلين النقابيين للعمال ألي سبب يتعلق بالمجال المهني أو الاجتماعي أو في حالة النّزاعات المفاجأة، كما تجدر الإشارة ميدانيا عادة ما يتم الاعتماد على الإجراء الأول أي التفاوض الجماعي المباشر وهو الحل الأمثل لتفادي الّنزاع الجماعي في العمل بصفة مباشرة من طرف المستخدم ودون وسيط. أما الإجراءات العلاجية تكون مباشرة بعد اكتشاف الخالف القائم بين المستخدم والعمال. المشرع في كلتا الحالتين نظمها بنوع من المرونة من خلال إضفاء الطابع الوقائي على القانون رقم 08-23 واستخدام مصطلح الخالف عوض النزاع محاولة منه تخفيف شدّة التوتّر بين المستخدم والعمال وتشجيعا للحوار والاستقرار الاجتماعي والمهني داخل المؤسسات المستخدمة. 1990 وقد أشار المشرع من خلال القانون رقم 08-23 إلى إجراءات التسوية نتناولها فيما يلي: المطلب الأول: المصالحة conciliation la تعتبر المصالحة الوسيلة الأولى التي أق ّرها المشرع في القانون رقم 08-23 ق بالوقاية من المتعلق النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب، الفرع الأول: المصالحة الاتفاقية conventionnelle conciliation في حالة نشوب خالف بين المستخدم والعمال حول ظروف العمل أو أي سبب يخص أو يتعلق بتنظيم عالقات العمل داخل المؤسسة المستخدمة، يباشر ممثلها مباشرة المصالحة داخل هياكل المؤسسة وتكون بصفة مباشرة بين المستخدم وممثلي العّمال ودون وساطة طبقا لما هو منصوص عليه في عقود العمل أو في الاتفاقية الجماعية ال ّسارية المفعول. وكمثال لهذه الاتفاقيات، الفرع الثاني: المصالحة القانونية أو الإدارية légale conciliation وهذا بعد أن فشلت المصالحة المباشرة بين المستخدم وممثلي العمال على مستوى هياكل المؤسسة المستخدمة. وهذا الإجراء جوء إلى المصالحة الإدارية على منصوص عليه في المادة 08 من القانون رقم 08-23 . ويكون الل مستوى مفتشية العمل بطلب من يهمه الأمر من ممثلي العمال أو من ممثل الهيئة المستخدمة. ال يبقى لأطراف النزاع سوى اللجوء إلى القضاء مرفقين بمحضر عدم المصالحة ّ فشل المصالحة الإدارية وتجدر الإشارة إلى أنه حدّد مهام مفتش العمل بموجب القانون رقم 03-90 المؤرخ في -02-06 1990 المتعلق بمفتشية العمل، حيث من بين المهام الموكلة له نجد إجراء المصالحة قصد اتقاء الخلافات الجماعية وتسويتها، كما أشارت هذه المادة إلى المهام الأخرى كمراقبة تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بعالقات العمل الفردية والجماعية وظروف العمل ومساعدة العمال ومستخدماهم في إعداد الاتفاقيات أو العقود الجماعية في العمل. ويقوم مفتش العمل بإعلام الجماعات المحلية بظروف العمل داخل المؤسسات التابعة لاختصاصها الإقليمي وإعلام الإدارة المركزية للعمل بمدى تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالعمل واقتراح التدابير الضرورية لتكيّفها وتعديلها. إن دور مفتش العمل ال ينحصر فقط على الرقابة وتسليط العقوبات الإدارية على المخالفين لأنظمة العمل، المادة 11 من نفس القانون، يعدّ مفتش العمل محضرا يوقعه الطرفان كما يدّون المسائل التي يستمر فيها الخالف الجماعي، وتصبح المسائل التي اتفق الطرفان عليها، نافذة من اليوم الذي يودعها الطرف الأكثر استعجالا لدى كتابة الضبط بالمحكمة المختصة إقليميا. وهذه المدة كانت ثمانية أيام في التشريع السابق لسنة 1990. في حالة عدم المصالحة يمكن الطرفان أن يتفقا ب اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم حسب المادة 14 و20 من القانون رقم 08-23. فنظمه المشرع كطريقة من الطرق البديلة لحل النزاعات، حيث يجوز للخصوم التصالح تلقائيا أو بسعي من القاضي في جميع مراحل الخصومة.