9%٩:٣٨ مالْمَوَادُ الأوَّلِيَّةُ ن السيرة أبي الطَّيِّبِ الْمُتَني نارهأطمح في الصفحات القادمة إلى تقديم مواد أولية لسيرة أبي الطيب المتنبي ، تكون بلغة لمن أراد أن يعيد قراءة سيرة المتنبي. وهي في أصلها جذاذات كنت قد جمعتها من الفسر الكبير في شرح ديوان أبي الطيب ، لأبي الفتح ابن جني (۳۹۲هـ) ، في مخطوطات شرحه الكبير ، ثم أضفت إليها ما اجتمع لدي من نتف من أقوال الوَحِيدِ الأزدي (١) ، في نكته على (الفشر الكبير) ، فانتخبت منها أخبار المتنبي ، وبتها في مواضعها من سيرته ؛ وذاك أن الوحيد قد عاصر المتنبي فيحلب و شیراز ، ثم أضفت إليهما ترجمة كمال الدين ؛ في (بغية الطلب في أخبار حلب، في الجزء الثاني من نسخة أحمد الثالث، في مكتبة طويقابي سراي في إسطنبول (١/٢٩٢٥). وقد كان الأستاذ محمود شاكر أول من نشر هذه الترجمة ؛ فأثبتها في ملحق كتابه (المتنبي) ، ثم ظهرت هذه الترجمة في نشرة الكتاب للدكتور سهيل زكار. وقد آثرت أن أنسخ هذه الترجمة من المخطوطة مباشرة ؛ لأنها بخط ابن العديم الفائق الضبط والأمانة، ولأن لكل قاريمنهجا وهدفًا في قراءة النصوص ،ثم لفقت معها ما وجدته من أخبار عن أبي الطيب ، انفرد بها ابن العديم ، وليست في ترجمةالمتنبي بل في تراجم الآخرين ، وأتممت ذلك بأن أضفت إلى هذه السيرة أقوال أبي الحسن الربعي ؛هذه الطبعة إهداء من المجمع.ولا يسمح بنشرها ورقباً .علي بن عِيسَى (۳۲۸-٤٢٠هـ) ، وأقوال أبي أحمد عبد العزيز بن الفضل الشيرازي ، فيما نقله عن ابن أبي سعدة ، وهي أقوال وأخبار نقلها ابن العديم ، وتصرف فيها زيادة ونقصا وأسلوبا ، فأثبت في هذه السيرة أقوال الربعي والشيرازي بحروفها ، ولفقت ما لم ينقله ابن العديم عن الربعي والشيرازيفأحللته مع ما يناسب موضوعه من هذه السيرة.صنعت ذلك لأن ترجمة ابن العديم هذه أوفى وأدق ما كتبه القدماء عن المتنبي ، ثم إن الربعي كان من أواخر من رأى المتنبي وأخذ عنه في شيراز ، وكانت هذه الترجمة في نسخة لشرح الواحدي لديوان المتنبي ، ألحقها الناسخ في آخرها ، وهي نسخة مكتبة فيض الله (١٦٤٩) ، وكان الأستاذ(شاكر) أول من نشر هذه الترجمة في ملحق كتابه (المتنبي).هذا وكنتُ قد عَمَدتُ إلى كتاب الواضح في مشكلات شعر المتنبي) ؛ عبيد الله بن عبد الرحيم الأصفهاني (بعد ٤٠١هـ) ، فصنعت فيه ما صنعت مع الربعي ؛ وذلك أن أبا القاسم قد عاصر ابن جني ، وناقشه في قشره الصغير) ، ونَقَلَ عَمَّن شاهدوا المتنبي ،ثم انتخبت أخبارًا من (المُوضحة)؛ محمد بن الحسن(۳۸۸هـ) ، فأقحمتها في الموضع الذي رأيت أن ابن العديم لم يثبتها فيه. وعلى الرغممن الشكوك الهائلة التي تحيط بالموضحة وصاحبها ؛ من حيث موقف أبي الطَّيِّبِ منمُعِز الدولة البويهي ؛ ودقة تفاصيل مادار ودون فيها = على الرغم من ذلك كله وغيره، فقد أثبت هذه القِصَّة ؛ لكي يُعيد أهلالسرد قراءتها ؛ فيصلوا إلى ما وصلت إليه من إشارات في المسكوت عنه) تضيفإيحاءات وألوانا إلى شخصية أبي الطيب.ثم إنني وجدت ابن العديم (٥٨٨ - ٦٦٠ هـ) ينقل عن ياقوت الحموي (٥٧٤-٦٢٦هـ) أخبارًاليست في معجمي ياقوت ، فعرفت أنها من كتابه المفقود (أخبار المتنبي). وقد كان العلامة محمودشاكر قد نشر أخبارًا عن المتنبي في ملحق كتابه (المتنبي) ، نسبها إلى ابن عساکر (٤٩٩-٥٧١هـ) ،وكانت ملحقة بمخطوطة للإبانة عن سرقات المتنبي ، وفاته أنها لأبي الحسن ،الصاحب المتطبب (٦٤٨هـ) (١) ؛ فرجعت لمخطوطة الإبانة(دار الكتب ۲۰۳۹ أدب ، وقرأتها وأثبت ما فيها من أخبار عن ياقوت ، ونسبتها إلى أبي الحسنالمتطبب ، ووضعتها في مواضعها في هذه السيرة (٢). أوتفصيلا تزيد الخبر وضوحا ، أو تصرفه عن الوجه الذي أراده صاحبهفإنني قد أجمع بين الخبرين ، أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد ؛ الشاعر المعروف بالمتنبي. وقيل : هو أحمد بن الحسين بن مُرَّةَ بن عبد الجبار، وكان أبو الطيب شاعرًا مشهورًا مذكورًا محظوظًا من الملوك والكبراء الذين عاصرهم ، والجَيْدُ مِن شعره لا يُجارَى فيه ولا يُلْحَقُ ، وقيل : إنَّه ادعى النبوة في حداثته ؛ فلقب بالمتنبي لذلك. وكان عارفًا باللغةعيسىقيما بها. النحوي (1) رحمه الله : قال لي أبو الطيب ؛ أحمد بن الحسين بنالحَسَن : كَانَ يَثْقُلُ عَلَيَّ أَنْ أَدْعَى المتنبي دهرًا إلى أن أنسْتُ به ، يُضَيِّقُونفي الأسماء على أنفسهم ، فَلا يُفَرَّقُ بين بعضهم وبعض إلا بالألقاب. وقال لي : مولدي بالكوفة ،ورَضَعتُ بِلِبَانِ عَلَوِيَّةٍ مِن بناتِ عُبيد الله بن يَحْيَى ، وكنتُ أُحِبُّ البَطَالةَ ،وصحبة ذوي الغَارَاتِ والحروب والتيه عن الدَّنِيَّاتِ من الأخلاق ، ذَكَرَت الرُّوَاةُ أَنَّهُ وُلِدَ بِالكُوفَةِ ، وَأَنَّ أَبَاهُ سَافِر إِلَى بِلَادِالشَّامِ فَلَم يَزَلْ يَنْقُلهُ مِن باديتها إِلَى حَضَرِها ، وَمِن مَدَرها إِلَى وَبَرِها ، وَقَد تَرَعْرَعَ أَبُوالطيب وَشَعَرَ وَبَرَعَ وَبَلَغَ مِن كِبَر نَفْسِهِ وَبُعْد هِمَّتِه أَن دَعَا إِلَى بيعته قومًا مِن رَائِشِي نَبْلِه على الحداثةهذه الطبعة إهداء من المجمعولا يسمح بنشرها ورقياً أو تداولها تجارياًمن سنه والغَضَاضَة من عوده ، وحينَ كَادَ يتم لَهُ أَمْرُ دَعوتِه تَأَدَّى خَيْرُهُ إِلَى وَالِي البَلدَةِ ، وَرُفِعَ إِلَيْهِ مَا هَمَّ بِهِ مِن الخُرُوجِ ، فَأَمر بحبسه وتقييده (۱). والَّذِينَ رَوَوا ديوان أبي الطيب يَحْكُونَ عنه أنه وُلِدَ سنة ثلاث وثلاث مئة ، وكان طُلُوعُه إلى الشام سنة إحدى وعشرين ، فأقام فيه برهة ثم عاد إلى العراق ، والدليل علىصحة هذا الخبر أن مدائحه في صباه إنَّما هي في أهل الشام ، إلا قوله (۲) : (المعري) كُنِّي أَرَانِي وَيْكِ لَومَكِ أَلْوَمَا. وَقَتَنَ شِرْدِمَةٌ بِقُوَّة أدبه وَحُسن كلامه، وحكى أَبُو الْفَتْحِ ؛ قَالَ : سَمِعت أَبَا الطَّيب يَقُولُ : إِنَّما لُقُبْتُ بالمتنبي القولي : أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهَ هُ غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودِ مَا مُقَامِي بِدارِ نَحْلَةً إِلَّا كَمُقَامِ المَسِيحِ بَيْنَ اليَهُودِوَمَا زَالَ فِي بُرْدِ صِبَاهِ إِلَى أَن أَخْلَقَ بُرْدُ شبابه ، وتضَاعَفَتْ عُقُودُ عُمْره ، يَدُورُ حُبُّ الولايةوالرئاسة في راسه ، وَيُظْهِرُ مَا يُضْمِرُ مِن كامِن وَسْوَاسِه ، فِي الخُرُوج على السلطان والاستظهاربالشجعان ، ويَسْتَكْثر من التصريح بذلك في مثل قوله : (الثعالبي)لَقَدْ نَصَبَّرْتُ حَتَّى لَاتَ مُصْطَبَرٍ فَالآنَ أُفْحِمُ حَتَّى لَاتَ مُقْتَحَملأَتْرُكَنَّ وُجُوهَ الخَيْلِ سَاهِمَةٌ والحَرْبُ أَقْوَمُ مِن سَاقٍ عَلَى قَدَموالطَّعْنُ يُحْرِقُهَا وَالزَّجْرُ يُقْلِقُهَا حَتَّى كَأَنَّ بِهَا ضَرْبًا مِنَ اللَّمَمِقد كَلَّمَتْهَا العَوالِي فَهْيَ كَالِحَةٌ كَأَنَّمَا الصَّابُ مَذْرُورٌ عَلَى اللَّجُمبِكُلِّ مُنْصَلِتٍ مَا زَالَ مُنتَظِرِي حَتَّى أَدَلْتُ لَهُ مِن دَولَةِ الخَدَمشَيخ يَرَى الصَّلَواتِ الخَمْسَ نَافِلَةً ويَسْتَحِلُّ دَمَ الحُجَّاجِ فِي الحَرَمِ(1) اليتيمة ١٤١/١.