مقدمة فلا تخالفها أبداً. غاية الشريعة الإسلامية وهدفها: ومنع التلوث، وطلب إحياء الأرض الموات قبل أكثر من ١٤٠٠ عام، والاقتصاد في استخدام الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة واستهلاك الطاقة. وتنسحب غاية العدل على عملية التمويل وأطرافها، فقد طلب من جميع الأطراف الالتزام: بالصدق فقال صلى الله عليه وسلم: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء». وهذا لعظم وحديثه القدسي: «يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما». وفي هذا دعوة مباركة وصريحة من الله عز وجل لتشكيل فرق عمل Team أي التوجه نحو العمل الجماعي. وإشارة واضحة إلى أن الخيانة بين الشركاء وبين فرق العمل هي سبب بقاء تلك الأعمال ضمن نطاق الأعمال الفردية البسيطة والمتواضعة. والصدق يكون بالإفصاح وهو عكس الكذب، أما التبيين فهو الشفافية، وخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم البائع قائلاً: «زن وأرجح»(٣)، أي أن المساواة هي حالة من حالات العدل وليست العدل كله. فقال: «إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق»(٤). وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتجول في أسواق الكوفة قائلاً: «معاشر التجار خذوا الحق تسلموا، ولزيادة معدل دوران المبيعات، فإن كان المدين معسراً توجب على الدائن إنظاره حتى يتيسر حاله. وقد شمل ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى»(١). فروى أبو مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حوسب رجل مما كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان رجلا موسراً أو كان يخالط الناس وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر فقال الله عز وجل نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه»(٢). ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء عن التأخر في سداد ما عليهم من ذمم لقوله: «مطل الغني ظلم»(٣) فإن لذلك المطل أثر على التبادل وخاصة على صغار الملاك فهو يضيق عليهم في معاملاتهم. من جهة أخرى تم تغليظ العقوبة على المدين حتى لا يستهتر بحقوق الآخرين، فطلب صلى الله عليه وسلم منه السعي إلى وفاء دينه قائلاً: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» (۱). وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان في أدائه فقال مخاطباً المدين: «خيركم أحسنكم قضاء» (۲)، كل ذلك دون شرط مسبق حتى لا يتحول الإحسان إلى ربا. وهذا ما تنبهت إليه اتفاقية بازل ا والا بشأن المخاطر الائتمانية. والعدل مفهوم شامل في الاقتصاد الإسلامي يتناول عدالة التوزيع بين طبقات المجتمع وبين أفراد الأسرة وبين الشركاء وبين الجميع. فشريعة الإسلام تأمر بأخذ الزكاة من الأغنياء وردها على مستحقيها ممن حدد هم رب العالمين وهم فئة الفقراء والمساكين والمحتاجين. كما يُساعد بإخراج بعض أفراد الطبقة المحتاجة ليصبحوا من أفراد الطبقة المنتجة. لذلك تقرب الزكاة بين طبقات المجتمع برفع الأدنى إلى أعلى وليس العكس لأن نسبتها المتدنية والثابتة يجعلها خفيفة الأثر على المزكي، فهي لا تأكل مطرّحها إلا بعد أربعين سنة إذا لم يتم تشغيله أبداً. لذلك ففي شركات المضاربة التي تتألف من نوعين من الشركاء (رب مال) و (مضارب بعمله) يتقاسمان الربح على ما اتفقا عليه، أما الخسائر فيتحملها رب المال فقط لأن المضارب بعمله قد خسر جهده وخسر أيضاً تكلفة الفرصة. مثال ذلك، أما في حالة الشركة القانونية فإنتحقق آليات التوزيع في حالات الربح والخسارة تكون بالمساواة الظاهرية، بينما يسعى الاقتصاد الإسلامي إلى حقيقة العدل. بل حقق في حالات أخرى مبدأ الإيثار الذي يتجاوز مبدأ المساواة الذي سعت كل النظم الوضعية للوصول إليه وما وحققته، وحبا في الله عز وجل بوصفه الرابط الوحيد للمتخلى له. إذن العدل هو غاية الشريعة الإسلامية ومبتغاها ليس بين المسلمين فقط بل بين جميع الأفراد والكائنات على وجه البسيطة،