الحاج أحمد ھو جدّي إنّھ الآن شیخٌ في الثمانینَ من عمرهِ وعلى الرّغمِ من مرضِھ أذكرُ أنّھ طیلةَ فصلِ الشّتاء كان یستیقظُ عند آذان الفجر،الطحینة والحلاوة . یضعُ كوفیّتھ البیضاءَ ،وفوقَھا یثبّتُ عقالَھ الأسودَ المبروم ثمَّ یذھبُ إلى معصرة والمعصرةُ مبنیةٌ من الحجارةِ والطّین على شكل أقواسٍ ،وألذّ شيء فیھا دفئھا ،فالجوّ في الخارج بردٌ ومطرٌ وفي الدّاخلِ حلاوةٌ ساخنةٌ طریّةٌ یقدّمُھا جدّي للضّیوف بعد أن یرشَّ فوقَھا حبّةَ البركة .وأذھبُ إلى خدمةِ الوطن ، وفي أوّلِ إجازةٍ أزورُه أحكي لھ عن حیاتي العسكریّة ، وأصدقائي الجُدد وبالأخصّ صدیقي سمیر الذي كان یعملُ صانعاً قال جدّي: أریدُكَ أن تأخذَ عقالي وتعطیھ لصدیقكَ ،كي یُخفي العقدة . أیّةَ عقدةٍ یا جدّي ؟ أنزلَ جدّي العقالَ عن رأسِھ فورَ وصولي إلى القطعة العسكریة أعطیتُ العقالَ لسمیر، وشرحتُ لھ القصّة ، نظر سمیر إلى العقال وقال: ما رأیكَ أن تُھدي جدَّكَ عقالاً جدیداً عندي الكثیر ،