" إن من الظلم أن نفيس عظمة محمد صلى الله عليه وسلم بواحد من عظماء التاريخ ، فإن من هؤلاء من كان عظيم العقل ولكنه فقير في العاطفة والبيان والفصاحة، ومنهم من كان بارعا في الإدارة والقيادة ولكن أخلاقه وسيرته الذاتية كانت أخلاق السوقة والفجار ، ولقد كانت لهم مواقف عرضت العالم لكثير من المصالب والمتاعب ، ومحمد صلى الله عليه وسلم وحده هو الذي جمع العظمة من أطرافها ، وما من أحد من هؤلاء إلاكانت له جوانب يحرص على سترها عن الناس ، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كشف حياته للناس جميعا ، فكانت حياته كتابا مفتوحا فقد أذن لأصحابه أن يذيعوا عنه كل ما يقول ويبلغوه للناس . والعظمة إما تكون بالطباع والأخلاق والصفات الشخصية ، وإما تكون بالآثار التي بقيت في تاريخ الأمة شاهدا على تلك العظمة ، ولكل عظيم جانب من هذه المقاييس تقاس بها عظمته ، أما عظمة رسول البشرية والرحمة فتقاس بها جميعا لأنه جمع أسباب العظمة كلها ، فكان عظيم المزايا والأعمال والآثار،