تنبيه مهم وهي أن تقع حادثة من شخص ، فيهلك بسببها شخص آخر ، فيأتي أولياء المقتول فيسقطون الدية عن هذا الجاني الذي فعل الحادث ، فهل إسقاطهم للدية محمود ويعتبر من حسن الخلق ؟ أم في ذلك تفصيل ؟ في ذلك تفصيل ، هل هو من الناس المعروفين بالتهور وعدم المبالاة ؟ هل هو من الطراز الذي يقول : أنا لا أبالي أن أدهس شخصاً لأن ديته في الدرج والعياذ بالله أم أنه رجل حصلت منه هذه الحادثة مع كمال الـتـعـقـل وكمال الاتزان، ولكن الله تعالى قد جعل لكل شيء مقداراً ولكن حتى وإن كان من هذا الطراز المتعقل المتزن ، يجب قبل أن نعفو عنه أن ننظر : هل على الميت دين ؟ فإذا كان علي الميت دين ، فإنه لا يمكن أن نعفو ، ولو الذي أصيب بالحادث ، ولا يرد استحقاقهم إلا بعد قضاء الدين إن كان الميت مدينا ولهذا لما ذكر الله الميراث قال : ﴿ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دین (۱) . والحاصل أن من حسن الخلق : العفو عن الناس وهذا من باب بذل الندي، إما إعطاء وإما إسقاط ، وطلاقة الوجه هو إشراقه حين مقابلة الخلق ، وضد ذلك عبوس الوجه . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن البر فقال : وجه طلق ولسان لين . وقد نظمه بعض الشعراء فقال : بني إن البر شيءٌ هَيْن وَجْهٌ طليق ولسان لين فطلاقة الوجه تدخل السرور على الناس وتجذب المودة والمحبة وتوجب انشراح الصدر منك وممن يقابلك . فإن الناس ينفرون منك ، ولا ينشرحون بالجلوس إليك، ولا بالتحدث معك ، وربما تصاب بعقد نفسية، فإن انشراح الصدر وطلاقة الوجه من أنجع العقاقير المانعة من هذا الداء ولهذا ينصح الأطباء من ابتلي بهذا الداء بأن يبتعد عما يثيره ويغضبه ، ويكون بذلك الإنسان محبوبا إلى الخلق كريما عليهم . هذه هي الأصول الثلاثة التي يدور عليها حسن الخلق في معاملة الخلق الا ومن علامات حسن الخلق مع الخلق : أن يكون الإنسان حسن المعاشرة مع من يعاشره من أصدقاء وأقارب ، لا يضيق بهم ولا يضيق عليهم ، لأن من الناس من لا يسر إلا بمعصية الله والعياذ بالله ،