كان أبرهة ملكاً باليمن وهو حبشيّ الأصل، وكان قد بنى كنيسة بصنعاء سمّاها القلّيس أراد أن يصرف حجّ العرب إليها، ولِكي يُحقّق ذلك نذر أن يهدم الكعبة، وعندما بدأ المسير إليها مع جيشه فخرج إليه ملك من ملوك حمير يسمّى ذو نفر ممن أطاعه قومه؛ وطلب ذو نفر منه أن يبقيه لأنّ دعمه خير له من قتله فأبقاه وسار معه، وعندما اقترب من بلاد خثعم خرج إليه زعيمٌ يسمّى النفيل ومعه عدد من القبائل اليمنيّة وقاتلوا أبرهة فهزمهم، وطلب النفيل منه أن لا يقتله وأن يأخذه دليلاً له في أرض العرب فوافق أبرهة على ذلك، وأكمل مسيره إلى أن وصل الطائف فخرج إليه مسعود بن معتب مع رجال من ثقيف يُخبره بأنّهم عبيد عنده، وأنّ البيت الذي يَقصده في مكانٍ يسمّى مكّة وأنّهم سيبعثوا معه مَن يدلّه عليه؛ فبعثوا معه رجلاً يسمّى أبو رغال. ٥٠] وكان عبد المطلب قد علم باقتراب أبرهة من مكّة فأمر قريشاً بالتفرّق في الشعاب، وتجهّز أبرهة وجيشه لدخول مكّة، وحمل على فيله ما أراد أن يحمل ووجّهه للمسير لكنّه توقف وبَرَك مكانه، فأخذوا بضربه بالمعول على رأسه وأدخلوا محاجنهم في أقرانه ومع ذلك أبى التّحرك، وبقي كذلك حتّى وصل الفيل إلى جبل من الجبال، ثمّ أرسل الله -تعالى- طيراً كالبلسان وهو شجر كثير الورق، والحجر الواحد كحبّة الحمص أو العدس، وألقت الطيور هذه الأحجار على أبرهة وجنده، وما من أحد أصابته تلك الحجارة إلا هلك، فرجع من نجى منهم بسرعة وأخذوا بالتساقط في كل بلد، وأمّا أبرهة فقد أصابه الله بمرض في جسده؛ حتّى وصل اليمن كفرخ الطير ثمّ مات، قال -تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ).