كاتدرائية "القديسة العذراء مريم والقديس سمعان الخراز ، مرسومًا يقضى بنقل كل جامعي قمامة مدينة "القاهرة" إلى تلال هضبة المُقطَّم" الواقعة خلف منطقة القلعة، حيث بنوا لأنفسهم مساكن بدائية؛ عبارة عن عشش بسيطة من القصدير يُطلقُ عليها ، اسم ”الزبالين“ (أى جامعي القمامة). وهناك نحو ٢٥ ألف جامع قمامة، يجمعون يوميًا قمامة منازل مدينة القاهرة مترامية الأطراف، التى يزيد عدد سُكَّانها عن خمسة عشر مليون نسمة، ويأخذونها إلى مقر إقامتهم في أكياس كبيرة من القماش الأخضر ، وفى شاحناتٍ مُخصصة لها، وفي الطابق الأرضى لمساكنهم الفقيرة، تقوم النساء والأطفال بفرز وتدوير البلاستيك والورق والمعادن والزجاج والمنسوجات، ثم يضغطون ويُنظفون القمامة، ويطعمون المخلفات العضوية للخنازير والماعز التي يُربونها.وفي بداية أعوام السبعينيات من القرن الماضى، دأب أحد جامعى القمامة ممن يخدمون منطقة شبرا، وعلى لقاء أحد الوزراء والحديث معه عن حياة المسيح“ ومحبته ونعمته. ودعا قدّيس" الوزير لزيارة منطقة الزبالين" بـ"المُقطَّم، وأَلَّحَ في دعوته لمدةٍ عامين؛ من عام ۱۹۷۲ وحتى عام ۱۹۷٤م. وفى صباح أول يوم جمعة من شهر فبراير عام ١٩٧٤ م. سَمِع الوزير هاتفًا إلهيًا يؤكد أن ة قديس“ ما هي إلا من الله؛ فوقفَ مُندهشًا وَمُتعجبًا وسأل نفسه: ما الذي يُريد أن يفعله الله فى هذه المنطقة المُكدَّسة بالرجال والصبية والفتيات ممَّن يقومون بفرز أكوام من القمامة؟ و من ثم، طلب من جمع القمامة اصطحابه إلى مكان هادئ للصلاة. فاصطحبه إلى قمة ذلك الجرف الموجود بتلال هضبة القطم، حيث وجد الوزير تجويفاً هائلاً أسفل صخرة كبيرة، وأصبح هذا التجويف العظيم نواة دير سمعان الخراز“ (القديس سمعان). وبدأت خطة تنمية رائعة فى منطقة الزبالة العشوائية؛ منتظمة وبدأ شباب من كنائس عديدة فى خدمة أهالي المنطقة. وفى ۱۸ يونية ۱۹۷۷ م. زار البابا شنودة الثالث لأول مرة الكنيسة، وداوم على الاحتفال بعيد القديس سمعان الخراز“ سنويًا، ما بين عامى ۱۹۷۸ و ۱۹۸۰ م. وأقيم هناك الكثير من المشروعات، من بينها مستشفى ودار حضانة مدرسة للصم والبكم، وعدد من مراكز التدريب للفتية"الفسيفساء“ لتحريك جبل والفتيات في مجالات تفصيل وحياكة الملابس والنجارة. ذلك السقا القديس الذي عاش في العصور الوسطى واستخدمته العناية الإلهية فى تحقيق معجزة تحريك جبل المقطم". ويُخبرنا كتاب "تاريخ البطاركة أن الخليفة الفاطمي المُعز لدين الله الفاطمي، أعرب للبطريرك ”آبرام“ الشهير بـ”ابن زرعة (۹۷۵ - ۹۸۷ م. عن رغبته فى إثبات صحة الآية الموجودة في الإنجيل القائلة: "لو كان لكم إيمان مثل حبَّة الخردل ؛ لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل“ (متى ۱۷ : ۲۰). وكان الإخفاق فى تطبيق الآية يعنى هلاك المسيحيين" كافة. ويُقال أن العذراء مريم ظهرت للبطريرك في حُلم وأرشدته إلى سمعان، ذلك الخراز“ الفقير الذي كان يحملُ الماء ليسقى المساكين؛ فتمت من خلاله معجزة نقل جبل المُقطَّم“. وانتقل الجبل بعد ثلاثة أيام من صوم وصلاة الكنيسة. وعندما رأى الخليفة المعجزة، قال للبطريرك: "لقد اعترفتُ بصحة إيمانكم. كافأ البطريرك بترميم العديد من الكنائس القبطية. ويحرص الأقباط على صوم الأيام الثلاثة، تذكرة بالقديس سمعان الخراز“ ومعجزة نقل جبل المقطم“.وتحولت منطقة الزبالين العشوائية إلى واحدة من أروع دور العبادة المسيحية في العالم. ويضم دیر سمعان الخراز" كاتدرائية القديسة العذراء مريم والقديس سمعان الخراز، منها كنيستا القديس بولس" و "الأنبا أبرام“، واستمر العمل في الكاتدرائية ما بين عامى ١٩٨٦ و ١٩٩٤م. تمَّت خلالها إزالة نحو مليون طن من الحجر الجيرى لهضبة المقطم . والكاتدرائية عبارة عن مدرج شبه طبيعى ضخم يتسع لأكثر من أربعة آلاف شخص. والجروف الموجودة بالمكان بها منحوتات حديثة تمثل مناظر من العهد الجديد.