كان غريباً أن تسأل طفلة صغيرة مثلها إنسانا كبيرا مثلي لا تعرفه في بساطة وبراءة أن يعدل من وضع ما تحمله ، وكان ما تحمله معقداً حقا ففوق رأسها تستقر ( صينية بطاطس بالفرن) ، ولم نطل دهشتي وأنا أحدق في الطفلة الصغيرة الحيرى ، وأعدل من وضع الصاج فتميل الصينية ، ولست أدري ما دار في رأسها ، فما كنت أرى لها رأسا وقد حجبه الحمل ، كل ما حدث أنها انتظرت قليلاً لتتأكد من قبضتها ثم مضت وهي تغمهم بكلام كثير لم تلتقط أذني منه إلا كلمة (سني). ولم أحول عيني عنها وهي المهلهل الذي يشبه قطعة القماش التي ينظف بها الفرن ، الممزق كمسمارين رفيعين . ثم تنظر هنا وهناك بالفتحات الصغيرة الداكنة السوداء في وجهها ، وتخطو خطوات ثابتة قليلة، وقد تتمايل بعض الشيء ولكنها سرعان ما تستأنف المضي . راقبتها طويلاً حتى امتصتني كل دقيقة من حركاتها ، وأخيرا استطاعت الخادمة الطفلة أن تخترق الشارع المزدحم في بطء كحكمة الكبار ، وقبل أن تختفي شاهدتها تتوقف ولا تتحرك . وكادت عربة تدهمني وأنا أسرع لإنقاذها ، وحين وصلت كان كل شيء على ما يرام، ولم تلحظني ، ولم تتوقف كثيرًا فمن جديد راحت مخالبها الدقيقة تمضي بها ،