كانت تسري فيهم روح الاتحاد وكانوا يرون يوماً بعد آخر ثمرات الاتحاد وكانوا يشاهدون أزمات وحروب تعصف بالمنطقة ويخافون على وطنهم من دون قوة ضاربة موحدة . كانت الامارات المحلية تمتلك قوات دفاع خاصة بها لكن وكما قال أحد الفلاسفة : كل قوة ضعيفة ما لم تكن موحدة . كنت أقول لهم : نجاحنا أن نكون معاً تقدمنا أن نعمل معاً وسيكون المستقبل صديقنا كل شئ سيكون سهلاً اذا استطعنا ان نكون معاً . وحدنا يمكن ان نفعل القليل، كان لدينا خمسة أعوام فقط لتوحيد القوات المسلحة خلال الدورة الاولى من عمر الحكومة الاتحادية وضعت خطة في الهيكلة والاستراتيجية من أجل تحقيق ذلك . اعتمدها زايد وراشد والحكام وعملت عليها كافة وحداتنا العسكرية بكل إخلاص . في العام 1974 أصدرت قراراً - بصفتي وزيراً للدفاع – بتغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد الى " القوات المسلحة الاتحادية " مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة . أبقيت على الواجبات والمهام والتنظيم والقوة البشرية نفسها كما أبقيت على نفس مواقع التمركز لقيادة القوى والسرايا ومركز التدريب. تكونت القوات من سبع سرايا مشاة وسرية مدرعات العقرب وسرايا الإسناد وسرية المظلات وسرية الأشبال وسرية الأولاد وكانت هذه القوات تحت إشرافي المباشر مع بقاء قوات دفاع الإمارات المحلية كما هي . كنت قد قطعت شوطاً كبيراً في تطوير كافة التشكيلات القتالية لدينا بالإضافة لأنظمة الإسناد الناري والإداري في قواتنا مع الالتزام بعقيدة قتالية تنطلق من مبادئ الدفاع عن النفس وحماية سيادة البلاد . وفي 6 مايو عام 1976 كان الحدث التاريخي الذي أحسست بعده بأنني وفيت بوعدي للشيخ زايد ولوالدي، أحسست أن المهمة أنجزت وأن القوة الحقيقية لدولتنا قد تشكلت . صدر في ذلك اليوم قرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة وذلك في منطقة أبو مريخة بأبوظبي وبرئاسة المغفور له بإذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – حيث صدر بيان المجلس الأعلى للدفاع والذي ينص على التالي :- " إنه انطلاقاً من سعينا المستمر لدعم الكيان الاتحادي وتوحيد أركانه وتعزيز استقراره وأمنه وتقدمه وإيماناً بالمسؤولية التاريخية التي تفرض علينا العمل بروح التجرد والإيثار وإذابة كل الحواجز التي تعوق تفاعلنا الذاتي وتحقيق الاندماج الكامل لمؤسسات الدولة واستجابة لرغبة أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد من الانطلاق نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب ثم دمج القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة لتكون السياج القوي الذي يحمي الوطن وتؤدي دورها القوي كقوة للعرب " . في ذلك اليوم أصبح رئيس الدولة الشيخ زايد طيب الله ثراه القائد الأعلى للقوات المسلحة وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وتمت تسميتي مرة أخرى وزيراً للدفاع. وتم تشكيل رئاسة للأركان العامة للقوات المسلحة تتكون من رئيس الأركان وثلاثة مساعدين . كما صدر قرار من رئيس المجلس الأعلى للدفاع الشيخ زايد رحمه الله ال>ي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى " القيادة العامة للقوات المسلحة " وشمل القرار إنشاء ثلاث مناطق عسكرية هي : المنطقة العسكرية الشمالية " القوة المتحركة برأس الخيمة سابقاً " والمنطقة العسكرية الغربية " قوة دفاع أبوظبي سابقاً " والمنطقة العسكرية الوسطى " قوة دفاع دبي سابقاً " . كما تضمن القرار إنشاء لواء اليرموك ويضم كافة قوات جيش الاتحاد والحرس الوطني في إمارة الشارقة وحرس إمارة أم القيوين وكذلك إنشاء قيادة القوات البحرية وقيادة القوات الجوية بالإضافة الى معاهد التدريب الرئيسية مثل كلية زايد الثاني العسكرية ومدرسة المشاة ومدرسة المظليين ومدرسة الدروع ومدرسة المدفعية . وبالتالي تم التوحيد وأنجزت المهمة التي بدأت العمل عليها منذ العام 1968 قبل الاتحاد بثلاثة أعوام عندما كنا عائدين من إجتماع عرقوب السديرة الذي ضم الشيخ زايد والشيخ راشد عندما قال لي الشيخ راشد : سنعلن الاتحاد وستكون مسؤوليتك حماية الاتحاد . لم تهدأ نفسي إلا في العام 1976 عندما توحدت القوات جميعها تحت علم واحد وشعار واحد وقائد حكيم واحد هو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان . أحسست يومها أنني أديت الأمانة التي وضعت على عاتقي وبنيت قوة ضاربة ستحمي بلدي وساهمت في وضع أساسات راسخة لدولة قوية مهابة ذات سيادة لن يوقفها أي شئ ولن يعرقلها أي عدو عن تحقيق أحلامها وطموحاتها في بناء معجزة تنموية تستحقها عن جدارة .