تربط الحركة الصهيونية في دعايتها بين أسطورة الحقوق الدينية" لليهود في فلسطين، وبين أسطورة " الحقوق التاريخية" لهم فيها، وتتم عملية الربط هذه استناداً إلى التوراة أيضاً باعتبارها ليس كتاب دين فقط بل کتاب تاريخ أيضا، تمت قراءته بصورة سياسية وانتقائية خدمة لأهداف الحركة الصهيونية، التي زعمت أن الأسبقية التاريخية في فلسطين تعود لليهود ، وليس للعرب ومن أنهم أول من شيد فيها حضارة مزدهرة ومتطورة فاقت في أهميتها حضارات الأقوام السابقة وأقاموا فيها مملكة داود وسليمان ثم مملكتين إسرائيليتين منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ولتبرير الاستيلاء على الأرض وطرد سكانها الفلسطينيين منها عززت الحركة الصهيونية الأسطورة التاريخية باختلاقها بشكل مناف للحقيقة أسطورة العرق اليهودي النقي" والحنين التاريخي الدائم لليهود بالعودة إلى أرض الآباء والأجداد (فلسطين)، التي وصفتها بالصحراء القاحلة والأرض الخالية من السكان انطلاقاً من الصيغة المشهورة لإسرائيل زانغويل (Israel Zanqwill) "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". ولا تقل سخافة عن هذه الأكاذيب الصهيونية تلك الخرافة التي صورت حدين اليهود الدائم إلى الوطن هو الذي دفعهم للهجرة إلى فلسطين. في الواقع لم تأت موجات الهجرة اليهودية الحديثة إلى فلسطين, بسبب الدوافع الدينية, ولا بسبب الدوافع "القومية" ولا حتى بسبب ذلك الحنين الدائم" المزعوم إلى أرض الآباء والأجداد", وإنما جاءت بفعل المعاناة والاضطهاد. لكن وحتى تكتمل هذه المزاعم وتضفي عليها طابع من المصداقية, ادعت الحركة الصهيونية أن سكان فلسطين من العرب، ليسوا هم أول من سكن في فلسطين، وإنما جاءوا متأخرين مع الفتوحات العربية الإسلامية في القرن السابع الميلادي، ومن أن اليهود هم أصحاب الحق الطبيعي والتاريخي) بفلسطين. لقد عبر القادة الصهاينة عن هذه المزاعم في أكثر من مناسبة. المذكرة التي قدمتها الحركة الصهيونية العالمية إلى مؤتمر السلام في باريس عام 1919 أعلنت أن "هذه الأرض فلسطين] هي المقر التاريخي لليهود"،