وهذه الظاهرة واضحة في شعر كثير من شعراء العباسيين ـ كأبى ويعترف بشار بشئ قريب من هذه الازدواجية عندما قيل له : إنك لتجئ بالأمر المهجن ؛ إذ تقول : « إذا ما غضبنا . ثم تقول : « ربابة ربة البيت » فقال : كل وأحسن عندها من من و قفانبك من ذكرى حبيب ) (1) ، يعلل هنا لاختلاف أسلوبه تبعا لنوع التجربة التي يصورها وقد حاول الدكتور طه حسين أن يعلل لروح المحافظة التي سيطرت على الشعر العباسي وعاقته عن التطور المرجو بالنسبة لما أصابته آداب بل وبالنسبة لما لحق بالحياة العربية في القرن الأول والثاني للهجرة ـ بخضوع الأمة العربية لمؤثرين مختلفين : أحدهما يدفعها بقوة إلى الأمام ، والآخر يجذبها بعنف إلى الخلف فكانت تندفع إلى الأمام اندفاعاً قوياً في الحضارة المادية ، إلى الوراء بحكم الدين وبحكم لغته الدينية التي كان الحفاظ عليها وصيانتها واجباً دينياً لا سبيل إلى جحوده أو التقصير فيه . العقل العربي حيث لم يكن في تقدمه شر على الدين أو اللغة ، ومن حاول من الشعراء الإسراع بهذه الحركة فإنه يصبح موضع سخط علماء الدين ، وإن أعجبوا بهؤلاء الشعراء ، فإنهم اضطروا أحياناً إلى حبسهم ، عندما يجدون أنهم يسيئون إلى ما ينبغي كذلك كان لعدم الاحتكاك بالأمم التي ترجمت ثقافاتها ۱) انظر الخبر في الموشح تحقيق الأستاذ على البجاوي مكتبة نهضة مصر .