يضاف الى ذلك أن مجرد فكرة قيام امبراطورية ثالثة كان مسألة تجعل الامبراطور فريدريك يعمل بكل السبل على هدم تلك الامبراطورية. ولم يؤخر نهايتها سوى ما وقع بين الطامعين في العرش البيزنطي بعد نهاية حكم فاتاتزيس سنة ١٢٥٤ م . على أن ذلك العامل الذي أبقى على امبراطورية اللاتين في القسطنطينية، وجعلها تستطيع مواجهة المشاكل من كل ناحية قد انتهى باعتلاء ميخائيل الثامن باليولوجس عرش نيقية . وأن يمهد للاستيلاء عليها باثارة البنادقة والجنوية على بعضها، وأن يعلن تحالفه مع جنوه بعد أن وعدها بجميع الامتيازات التي تتمتع بها البندقية . وكان من الطبيعي أن ترحب جنوة بهذا العرض المغرى والواقع أن التنافس التجارى بين جنوه والنبدقية كان عاملاً هاماً في توجيه كثير من حوادث الرق الأدنى خلال تلك الفترة من الزمن ، سواء بين الدول المسيحية ودولة الماليك في مصر والشام. وفى أغسطس من نفس العام دخل ميخائيل العاصمة البيزنطية، وعادت الامبراطورية البيزنطية إلى عاصمتها . غير أن ذلك لم يكن يعنى أن القوى اللاتينية قد زالت فجأة من كافة أقاليم الدولة البيزنطية، أو أن الدولة البيزنطية قد عادت سيرتها الأولى قبل الحملة الصليبية الرابعة، بل واقع الأمر أن معظم القوى اللاتينية التي حلت ببلاد الدولة البيزنطية قد ظلت مصدر متاعب للبيت الباليولوجي، ويتوقف سوده لتاريخ هذه الدولة سنة ١٢٠٤ م . وواقع الأمر ان الدولة البيزنطية لم تفق مما سببته لها الحملة الصليبية الرابعة من متاعب ومشاكل وصعاب، سيما وأن الدولة العثمانية كانت تنمو نمواً مستمراً في القرن الرابع عشر. ولم يكن بإستطاعة الدولة البيزنطية التي عادت إلى القسطنطينية مقاومة الدولة العثمانية النامية. وتاريخ الدولة البيزنطية من أوائل القرن الرابع عشر حتى سقوط القسطنطينية في قبضة الأتراك العثمانيين سنة ١٤٥٣م هو تاريخ لدولة تعالج مشكلتين كبيرتين: الأولى مشكلة القوى اللاتينية الباقية فيها،