التي تنافس اليوم الولايات المتحدة وأستراليا على لقب أكبر مصدر للغاز المسال عالميا، اقترحت خط أنابيب لنقل الغاز من حقولها إلى أوروبا. كان الخط المقترح يمر عبر السعودية، يبلغ طول الخط 5000 كيلومتر، وبطاقة استيعابية تصل إلى 40 مليار متر مكعب سنويا . اقترحت إيران خط أنابيب لنقل الغاز أُطلق عليه “خط أنابيب الصداقة”، يمر عبر العراق وسوريا إلى البحر الأبيض المتوسط. ينطلق هذا الخط من مدينة عسلوية الإيرانية، وتبلغ طاقته الاستيعابية 110 مليون متر مكعب يوميًا، على امتداد 5600 كيلومتر. فإننا نتحدث عن مشروع أمريكي بالمنطقة لنقل الغاز إلى أوروبا بهدف تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، وزيادة النفوذ الأمريكي في المنطقة. فهي تقدم مشروعًا يُعتبر روسيًا، ، هدفه زيادة تصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا لتعويض الغاز القطري، مما يعزز النفوذ الروسي في أوروبا عبر إيران، التي لا يمكن وصفها بالمحمية الروسية، لكنها ايضا لا ترقى إلى أن تكون حليفا روسيا استراتيجيا.النظام السوري رفض فكرة خط الأنابيب القطري، بينما وافق على مشروع خط الأنابيب الإيراني، بل في أوروبا أيضا.بدأت الثورة السورية في عام 2011، بالتزامن مع أحداث الربيع العربي، وكانت سوريا أحد أهداف هذا الربيع. الهدف كان إسقاط النظام السوري واستبداله بنظام يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، في المقابل، دعمت روسيا وإيران النظام السوري الذي رفض المشروع القطري، حيث سعت روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في أوروبا، بينما دعمت إيران المشروع لتوسيع صادراتها من الغاز، وربط مصالح بعض الدول الأوروبية بها، إضافة إلى أهدافها التوسعية ذات الطابع الديني والطائفي.العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة على سوريا بدأت في عام 2011، بهدف إضعاف النظام السوري. بلغت هذه العقوبات ذروتها مع قانون قيصر، نتيجة لذلك، انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 32%، وانخفضت صادراته إلى أقل من 4 مليارات دولار،من جهة أخرى، دعمت روسيا النظام السوري عسكريا لتجنب سقوطه واستبداله بنظام يخدم المصالح الأمريكية في أوروبا. أما إيران، فقد دعمت الأسد عسكريا عبر ميليشياتها لتحقيق هدفين: تأمين وجودها في سوريا، والسعي لتنفيذ مشروعها الخاص بالغاز. وشاركت عسكريا في الصراع. مثلا نفذت عملية “درع الفرات” بهدف إقامة مناطق آمنة تفصل بين المناطق الكردية. تركيا تعتبر “وحدات حماية الشعب” الكردية منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني. مع تفاقم أزمة اللاجئين ، حاولت تركيا التفاوض مع النظام السوري للوصول إلى اتفاق يخدم مصالحها، وايضا لتعزيز مكانتها كوسيط بين الغرب وروسيا بعد بداية الحرب الروسية الاوكرانية .إسرائيل تسعى للعب دور في هذا الصراع بما يخدم مصابها و المصالح الأمريكية في أوروبا، خاصة من خلال مشروع الغاز القطري. فرصة لتعزيز نفوذها، وهي ترى أن أي نظام ديني محتمل في سوريا سيكون مجرد مرحلة انتقالية قصيرة تنتهي بصراعات ستكون هي المستفيد رقم واحد منها، بما ان الهدف الأساسي والرئيسي تحقق حتى الان، القضاء على اذرع ايران في سوريا .منذ الحرب الروسية الاوكرانية بالإضافة إلى الضربات التي تلقتها ايران، اصبح بشار الأسد في موقف ضعيف، خاصة بعد تحول أولويات روسيا إلى أوكرانيا. اعتقد أن روسيا قد تخلت عن الأسد ضمن صفقة مع الولايات المتحدة وأوروبا تتعلق بأوكرانيا، تتضمن تنازلات مثل رفع العقوبات الاقتصادية واستعادة جزء من حصة روسيا في سوق الغاز الأوروبي. وجيوسياسية معقدة. هاته القراءة توضح كيف أن الاقتصاد هو المحرك الأساسي للأحداث، سواء في سقوط الأسد أو استقرار الأنظمة الخليجية، التي تعتمد على اقتصادات ريعية مرتبطة بمصالح الغرب الطاقوية .