تؤكد نظرية بياجيه على أن التطور المعرفي لدى الفرد يحصل من خلال التفاعل النشط بينه وبين البيئة من خلالها يتكون لدى الفرد بنى معرفية تتطور مع الزمن ويكون الفرد معرفته من خلال ثلاث عمليات التماثل والمواءمة والتنظيم وهي أدوات تفاعل الفرد مع البيئة وهذا التطور يمر بأربع مراحل ثابتة ومتتابعة وتتأثر كل مرحلة بأربع عوامل وتتصف هذه المرحلة بأن الطفل يكون غير قادر على الكلام لأنه لا يوجد لديه كلمات, وفي هذه المرحلة يتعلم الطفل التنسيق بين الحواس وبين السلوك الحركي مثل تحريك اليد للمحاولة في القبض على الأشياء حوله, أو تحريك العين ومتابعة الأجسام حوله. تبدأ هذه المرحلة عندما يكون عمر الطفل سنتين وتنتهي عندما يكون عمره سبع سنوات (2-7 سنة) تقريباً, وسميت بهذا الاسم لأن الطفل في بداية هذه المرحلة لا يستطيع القيام بإجراءات كثيرة مثل تكوين مفاهيم حفظ المادة والطول والوزن وعدم القدرة على تصنيف الأشياء باستخدام أكثر من صفة واحدة مثل صفة اللون وصفة الحجم. وفي هذه المرحلة يكون الطفل معتمداً جداً على الأشياء التي حوله في بيئته ولا يستطيع الطفل أن يعالج أو يتفاعل مع أكثر من شيء واحد في عقله وفي نفس اللحظة, ويبدأ في تصنيف الأشياء على أسس معينة, وقد يكون هناك بعض الأخطاء في التصنيف وخاصة أثناء عملية التعميم. ولكن تفكير الطفل مقيد بدرجة كبيرة بالأشياء المحسوسة وتفاعلاته معها, ويكون الفرد قادراً على التعامل مع الأشياء المجردة, العوامل المؤثرة في النمو المعرفي النضج العصبي عامل اساسي لحدوث عملية النمو العقلي ، فكلما زاد عمر الطفل كلما زادة قدرته على التفكير، حيث إن الفرد عندما ينمو طبيعياً يكون نموه متكاملاً في جميع أجهزة الجسم ومنها الجهاز العصبي, والجهاز العصبي هو المسؤول الأول عن التفكير وعمليات التفكير الأخرى, وبهذا فالنضج العصبي عامل أساسي لحدوث عملية النمو العقلي, فكلما زاد عمر الطفل زادت قدرته على التفكير, وعلى هذا الأساس فرّق بياجيه بين النضج الجسمي وبين النضج العقلي. الخبرة أن الطفل يتعلم عندما يتفاعل مع بيئته الطبيعية, ويكون هذا التعلم أكثر فاعلية ووضوحاً في المراحل الأولى من تقسيم بياجيه, وخاصة مرحلة التفاعل أو التعامل مع الأشياء المحسوسة في البيئة, وعن البيئة, والتفاعل بين كل من البيئة ومكوناتها. كلما تعرض الطفل لخبرات اكثر كلما تعلم اكثر وقد فرق بياجيه بين نوعين من الخبرة هما: أ‌- الخبرة المادية الحسية: وتحدث نتيجة تفاعل الطفل مع الاحداث والاشياء التي في البيئة التفاعل الاجتماعي ويغير وجهة نظره او معلوماته عن كثير من الامور وأثبتت العديد من الدراسات والبحوث التربوية أن الأطفال يتعلمون بعضهم من بعض ويتأثرون ببعضهم, ويجب على الآخرين موافقته على ما يرى أو يفكر فيه, ومع نمو الطفل واحتكاكه بأفراد مختلفين تبدأ هذه الظاهرة ( المركزية في التفكير ) بالتناقص شيئاً فشيئاً. فيبدأ الطفل بالاستماع إلى آراء الآخرين وتقبل أفكارهم, التنظيم الذاتي يعتبره بياجيه من اهم العوامل المسؤلة عن النمو المعرفي للطفل، فمن خلاله يحدث النمو والتعديل المستمر في التركيب المعرفية الموجودة لديه. فقد ينتج من تفاعل الطفل مع بيئته مثيرات غريبة ويتعين على الطفل ان يستخدم التراكيب الموجودة لديه من اجل تفسيرها فان لم يتمكن من ذلك تولدت لديه حالة استثارة معرفية اطلق عليها بياجيه عدم الاتزان وتلك الحالة تدفع الطفل للقيام بعدة انشطة ذهنية وحركية تعينه على فهم تلك المثيرات وهذه الانشطة من شأنها أن تؤدي الى تراكيب معرفيه جديده تناسب المتغيرات التي طرأت على البيئة وتعين الفرد على استعادة حالة الاتزان التي كان قد فقدها. ويرى بياجيه ان هذه التراكيب تشكل الاساس في تفكير الفرد وفي توجيه سلوكه وانهببناء تلك التراكيب واعادة بنائها من خلال عملية التنظيم الذاتي يحدث مايسمى بالنمو المعرفي 1- المماثلة Accimulation وهي عملية عقلية مسؤلة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في تراكيب معرفية موجودة لدى الفرد، فهي تشمل عملية تكوين فكرة جديدة عن أي منبه يتعرض له أو يواجهه الفرد ولأول مرة. وفي هذه المرحلة يتم تكوين صورة لأي شيء أو حدث يمر به الفرد والذي يؤدي إلى إخلال البنية المعرفية (إخلال التوازن الذهني) لأنه لا يوجد صورة ذهنية عن هذا الشيء أو الحدث الجديد, 2- المواءمة Accomdation وتتضمن المواءمة تغييراً في الاستجابة للمتطلبات البيئية, لأن الفرد قد لا يكون جاهزاً لتقي هذه المعلومات أو الأحداث ببنيته الحالية, مفهوم الذكاء عند بياجيه: أن الإنسان والبيئة في تغير, ويركز على أن المعرفة محاكاة أو تمثيل نشط للحقيقة لتكوين بناء أو بنية معرفية ابتداء من الأشياء السهلة إلى الأشياء الصعبة أو الأكثر تعقيدا افتراضات نظرية بياجيه :- ومثل تلك الافتراضات تشكل الخريطة التي على اساسها يمكن فهم عمليات النمو التي تحدث لدى الافراد , وفيما ياتي عرض موجز تلك الافتراضات :- - يولد الانسان وهو مزود ببعض الاستعدادات التي تمكنه من التفاعل مع البيئة , ومثل هذه الاستعدادات تمثل البنى الاساسية التي تمكنه من النمو والتطور, فهي تشكل نقطة البداية لنمو التفكير والعمليات المعرفية بحيث تتطور وتتغير مع عمليات التفاعل مع البيئة . - تكون مثل هذه الاستعدادات في بداية حياة الطفل مجرد افعال انعكاسية , - يلعب الاستكشاف المفهوم الاساسي لعملية النمو المعرفي لدى الافراد , وتتم عملية الاكتشاف وفق تسلسل منطقي, - تشكل المرحلة المفهوم الاساسي لعملية النمو المعرفي لدى الافراد ويرى بياجيه ان النمو المعرفي يسير وفق اربع مراحل متسلسلة ومترابطة , بحيث تمتاز كل مرحلة منها بمجموعة من الخصائص المعرفية المميزة , والتي تتضمن نوعية الخبرات التي يمكن للأفراد اكتسابها في هذه المرحلة , ويتخذ المنحى التكاملي , قد تصبح جزاء لا يتجزأ من الخصائص للمرحلة اللاحقة , - تسيطر على كل مرحلة من المراحل استراتيجيات تفكير محددة, تميزها عن غيرها من المراحل الاخرى, فذلك يعني انه طور اساليب تفكير جديدة يضيفها الى ما هو موجود لدية اصلا , - تسير مراحل النمو المعرفي على تسلسل منتظم يرتبط بالعمر الزمني, وهي عامة عند كل البشر , اذ ان العوامل الوراثية او البيئة لوحدها غير كافة لحدوث النمو المعرفي , وحتى يثمر هذا التفاعل, لابد من تدخل عامل التوازن الذي يعمل على التنسيق بين تلك العوامل . - يتعلم الاطفال من خلال عمليتي التمثل والمواءمة, حيث ان المخططات العقلية تتغير باستمرار وتتطور نتيجة عمليتي التمثل والمواءمة , الى ادخال الخبرة الجديدة للبناء المعرفي لدى المتعلم , وهذه العملية يطلق عليها بالتمثل , وتنبع مثل هذه السمات من افتراضاتها الرئيسة حول موضوع التعلم والنمو الانساني , وفيما يأتي عرض لهذه السمات:- حيث ينظر الى الانسان على انه بناء ذاتي التنظيم, فالإنسان حسب هذا المنظور لديه القدرة الذاتية على اعادة تنظيم نفسه , فالتغير او النمو الذي يحدث لدى الانسان من جراء التفاعل مع البيئة هو كلي وليس جزئي الطابع , ثالثا – لا تعني هذه النظرية بالعلاقات او الارتباطات بين المثيرات والاستجابات, فهي لا تؤمن ابدا, بان مثيرات معينة تحدث استجابات معينة على النحو الي , وانما ترى ان الاستجابات هي نتاجات الابنية المعرفية التي يشكلها الفرد على ضوء عمليات النمو. وان مثل هذه الابنية تشكل اصل المعرفة , 2013, ص166 -167 ). يميز بياجيه بين نوعين من المعرفة يمكن النظر اليهما على انهما معرفة مباشرة كما هو الحال في المعرفة الشكلية , وفي ادناه توضيح لكل من هاذين النوعين :- ولا تنبع عن اي محاكمات عقلية يجريها الفرد حيال هذه الاشياء , ومثل هذه المعرفة عادة ما ترتبط بالشكل الذي تكون عليه الاشياء في العالم الخارجي , ولهذا السبب سميت بهذا الاسم فالتعرف على الاشياء في هذا العالم يعتمد على معرفة الشكل العام لمثل هذه الاشياء , وخير مثال على ذلك عندما يرى الطفل الرضيع حلمة زجاجة الرضاعة سرعان ما يضعها في فمه , اذ ان مثل هذه الاستجابات جاءت بناء على معرفة تعتمد على الشكل وليس على اية عملية عقلية . 2- المعرفة الاجرائية Operative Knowledge :- وتعرف باسم معرفة الاجراء , فهي معرفة غير مباشرة ولا ترتبط بالأشياء بمعانيها الحرفية . 6-التطبيقات التربوية لنظرية بياجية : :1-إن الوقوف على خصائص النمو المعرفي ومراحله يمكن المعلم من التعرف على طبيعة تفكير الطفل ومراحل نموه المختلفة بحيث يوجه انتباهه إلى الاستجابات المرتبط بمراحل نموه ، 2-لما كانت عملية النمو المعرفي تقوم أساسا على إيجاد التوازن بين الطفل والبيئة وهو أمر يستلزم التفاعل بين الطفل والعالم المحيط؛ وممارسة أساليب الاكتشاف الذاتي التي قام بها بياجيه . 3-تساعد مراحل النمو المعرفي وخصائصه مصممي المناهج على وضع مواد دراسية تتفق مع طبيعة العمليات العقلية لأطفال المراحل التعليمية المختلفة؛ وسبر الاستجابات . وتقديم البراهين والحجج وتقديم مقترحات مضادة . -يستجوب التلميذ ويستفسر عن قدرته على تقديم الحجج والبراهين وتفسير الموقف والأعمال التي تصدر عنه . -يستمر في التيسير والتقدم إلى أن تتحقق الأهداف المنشودة. الخاتمة : مراحله العمرية حيث لعبت التداعيات التعليمة دورا رئيسيا في المعرفة والتكيف تعتبر بمثابة الشرط الكافي للتنمية المعرفية وقد تم تقديم في هذه الورقة البحثية لإعادة النظر في بناء التداعيات والآليات في عالم التطور المعرفي وربطها بالمهارات المكتسبة والمجردة وقد شملت المواضيع التي تم تحليلها من خلال القاء نظرة عامة على نظرية بياجيه للتنمية المعرفية والاستيعاب ودورها في التكيف المعرفي من خلال عرض بياجيه لنظريته؛