بناء الحكاية المثلية متماثل فكل أبواب كتاب كليلة و دمنة تنطلق من قصّة اطار يطلب فيها الملك دبشليم من الفيلسوف بيدبة أن يشرح له مثلا سائدا : "قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف : اضرب لي مثلا لمتحابّين يقطع بينهما الكذوب المحتال المحتال حتّى يحملهما على العداوة و البغضاء ". فيلبّي الفيلسوف بيدبا طلبه بسرد حكاية مثل حكاية الاسد مع الثور و دمنة الحكاية المضمّنة قد تصبح بدورها قصّة اطارا تتولّد عنها قصّة مضمّنة (قصّة القملة و البرغوث تولّدت عن قصّة دمنة في اطار سعيه الى تحريش الاسد على الثور ) = علاقة القصة المضمّنة بالقصّة الاطار أنّها تنقل المثل من حيّز التجريد الى حيّز الاجراء ، بمعنى أنّ المثل أو الحكمة يستدلّ على فهم معانيها و أبعادها بذكر قصّة تفيض حياة بما توفّر فيها من مقوّمات قصصية من شأنها أن تسهّل على القارئ فهم ما ورد مجرّدا نظريّا . القصّة في كليلة و دمنة ممتعة مسليّة لكن الامتاع و التسلية ليسا مقصودين لذاتهما ، = هذه الامكنة لم تكن محدّدة جغرافيّا و لا سياسيّا فهي أمكنة مطلقة مما يمنح الاحداث التي تدور فيها نزعة اطلاقية تجعلها صالحة لكل زمان و مكان . = هذا الاطلاق يقرّب الحكاية من الحكمة وهو ما يكسب الامثال قدرة على الاقناع باعتبار أن الحكمة لها تأثير سحريّ فب النفوس . فالأحداث ترجع الى مطلق الزمان اذ تبدو غير محدّدة =هذا الاطلاق في الزمان يقرّب الحكاية من الحكمة التي لا تتقيّد بزمان محدّد . الاطلاق في الزمان و المكان يكسب الامثال طرافة تشدّ القارئ الى أحداثها و تدعوه الى التّأمّل في حكمها و مقاصدها ، ج –الشخصيات : لعل ميزة الامثال في كتاب كليلة و دمنة تكمن في اجراء الحكايات على ألسنة الحكايات وضع الانطلاق : وهو وضع تكون فيه الاحداث هادئة مستقرّة تسير بشكل لا يوحي بأيّة غرابة = تتولّد الطرافة و المتعة من تتابع الاحداث و تسلسلها بشكل يشدّ القارئ و يشوّقه و يدفعه الى البحث على الحكمة التي تنطوي عليها الاحداث و التي يسعى الكاتب الى اقناع المتقبّل بها . ان الوصف على قلّته في الحكايات يساهم في احداث طرافة مستمدّة من التركيز على صفات تساهم حتما في تطوير الاحداث وفق غاية حجاجيّة رسمها المؤلّف و خطّط لبلوغها ج – الحوار : هو حوار يجمع عادة أطرافا حيوانية و يعقد حول قضايا متعدّدة بعضها يتعلّق بالسّياسة و بضها الآخر يتعلّق بالمجتمع . = يحقّق الحوار الوظائف المأثورة لدى البشر فيأتي أحيانا استرجاعيّا و أحيانا جداليّا و أخرى تبريريّا و هو أمر يجعل الحدث طريفا ممتعا مسلّيا لأن القارئ لم يعتد ان يجري الحوار على ألسنة الحيوانات بعضها يدعونا الى الالتزام بها و اقرارها و بعضها الآخر بنفّرها الى تجنّبها ( مثال قال الفيلسوف :"ان العاقل لا يعدل بالاخوان شيئا":الفيلسوف يقدّس قيمة الصداقة وهي فكرة يتبنّاها ابن المقفّع و يسعى الى الاقناع بها ) كثّف السارد من استعمال أساليب تخدم البعد الحجاجي :