فهي تمنح جوا خاصا لأفرادها فكل فرد وكيفما كانت أطواره يجد مجالا فيها ويمكنه من التعبير عن خصوصياته، إلا أنها مجال المعدلات الأعلى في الجريمة والإنحراف وسوء التنظيم الإجتماعي؛ فالمجال الحضري مجال غير متجانس لأنه عبارة عن فسيفساء متعددة الألوان والأشكال. فكل مدينة مكونة من حلقات، أيضا فإن كل مدينة لها مدنها التابعة المحيطة بها، إن هذه البنية الإيكولوجية للمدينة تتشكل بفعل الإنتقاء والتميز من جهة، هاتين العمليتين تجعل مناطق المدينة تتحول إلى مناطق متميزة عن بعضها البعض مجاليا وثقافيا، ومنه فالمسألة المجالية يتم تحديدها انطلاقا من الانتماء الاجتماعي والاقتصادي. وهذا سيساهم بشكل اتوماتيكي في ارتفاع مستوى التراتبات الاجتماعية والاقتصادية، فلكل مجال في المدينة خصوصياته، فمثلا كلما ابتعدنا عن مركز المدينة ابتعدنا عن التنظيم والقانون، ومنه فالمجال بثقافته يفرض على الأفراد سلطة معينة . وهذا معناه أن هذه المجالات تشكلت بطريقة اعتباطية وتلقائية بمعنى أنها تنمو بمعزل عن أي استراتيجية أو سياسية للدولة. وبالنسبة إلى بارك هذا المجال الهامشي يصبح مع مضي الوقت مجالا خاصا له تقاليده وعاداته وقيمه الخاصة. فهاته الفئات تشكل تاريخها المشترك الذي يقوم على ذاكرة جماعية ومشاعر خاصة بها. المدينة مجال لبروز الحريات الفردية وتحسن نمط العيش والاتصال مجال للإبداع الفكري والعلمي ولكن في نفس الآن مجال للانحراف، وبهذا فإن المدينة هي عبارة عن مجال ذو وجهين.