ثعلب وكتاب قواعد الشعر موقع ثعلب في القرن الثالث: لم يضرب ابن سلام بعيداً في حياة القرن الثالث سناً أو ثقافة، ولكن الأحمر وغيرهم "، فقد توفي سنة ٢٩١ هـ، واتسعت الثقافات في أيامه، وكثر الجدل حول الشعر المحدث، وشهد جانباً من عصبية أستاذه ابن الأعرابي للقديم، ومع ذلك فإن كتاب (قواعد الشعر)، الذي يحمل اسمه لا يعدو أن يكون عودة إلى الأحكام التي سبقت ابن سلام والأصمعي، وليس فيه أي صدى لذلك الجيشان الذي حفل به القرن الثالث. وتفسير ذلك أن ثعلباً كان عالماً في النحو واللغة، ولا يدعي ما لا يعرف، وقد شهد له تلميذه الصولي كما شهد للمبرد بأنهما ما وادعيا التقدم في علم شعر المحدثين . وتمييز نادره ووسطه وما كان دوناً منه . والمحسن منهم في ذلك والمسيء. في مفهوم ذلك العصر. الشك في نسبة قواعد الشعر إلى ثعلب: ولولا القول بأن (قواعد الشعر) قد يكون من تأليف ثعلب لما صح أن ندرجه بين النقاد، وليس له في (مجالسه)، وذو الرمة أشعر من كثير، وكثير أشعر من جميل. وقوله: «زهير أشعر شعراء الجاهلية والحطيئة بعده، وجرير أشعر شعراء الإسلام وبعده المرار الأسدي، وجرير في صدر الإسلام كزهير في صدر الجاهلية" وسواء أصحت نسبة الكتاب إلى ثعلب أم لم تصح فإنه يغلب على الظن أنه لمؤلف من القرن الثالث، ابن المعتز. في أواخر القرن الثالث. غير أن مما يلفت النظر اشتراكه مع قدامة في عد (التشبيه) وأحد فنون الشعر. ففنون الشعر في كتاب (القواعد)، هي: المدح والهجاء والمراثي والاعتذار والتشبيب والتشبيه واقتصاص الأخبار: وعند قدامة: المديح والهجاء والمراثي والتشبيه والوصف والنسيب ". ونحن نعلم أن الصلة بين ثعلب وقدامة صلة وثيقة، ولو كان الكتاب من تأليف ثعلب فلعلنا لم نكن لنجد هذا التباين الشديد بينهما في المصطلحات. الطابع العام لكتاب قواعد الشعر: ويتسم كتاب قواعد الشعر بغرابة المنحى وسذاجته معاً، والخبر، وأن فنون الشعر من مدح ورثاء واعتذار. وغيرها إنما تنبع من هذه القواعد، ثم يجمع إلى هذا كله حديثاً عن لطافة المعنى وعن حسن الخروج ومجاورة الأضداد والمطابقة ثم عن جزالة اللفظ واتساق النظم، كل ذلك في سطور وبانتقال مفاجئ من موضوع إلى آخر. عودة الى المصطلح البدوي: وإذا كان ابن سلام قد تناول مقاييس الأصمعي بالصياغة الجديدة فإن مؤلف قواعد الشعر وقد عاد إلى الخليل بن أحمد فتحدث عما يخل باتساق النظم من سناد وإقواء واكفاء وإجازة وايطاء، وذلك شيء قد وقف عنده ابن سلام نفسه وسيقف عنده ابن قتيبة وقدامة وغيرهما. ولو اقتصر كتاب (قواعد الشعر)، على هذا لما كانت عودته إلى الخليل ذات شأن. ولكن عده الخير والاستخبار والأمر والنهي قواعد للشعر إنما هو عودة إلى الأصول النحوية التي وضعتها الخليل، وأهم من ذلك كله أنه حاول أن يستوحي روح الخليل في صياغة مصطلح مبتكر. ووقف الأصمعي عند الفحل من الجمال في تصور الشاعرية فما أحراه هو أن يقف عند الفرس. ولأول مرة نجد مصطلحاً نقدياً غريباً لم يعش إلا في كتاب، قواعد الشعر. أو أغر، أو محجل، أو مرجل. أما الأغر والمحجل فهما واضحا العلاقة بالفرس، وأما المعدل فلعلها صفة تومئ إلى اعتدال جانبي الجواد، وأما المرجل فلعله يعني البياض في رجل واحدة. وصورة الفرس واضحة في شرحه لكل مصطلح: فالمعدل يبز سائر الأبيات وسابقاً، والأغر يجيء في المكانة بعده ومصلياً، والأبيات المحجلة وما نتج قافية البيت عن عروضه، وأبان عجزه بغية قائله، وكان كتحجيل الخيل والنور بعقب الليل) وهي تجيء للنوع الثاني و(تالية». فالمعدل: ما اعتدل شطراه وتكافأت حاشيتاه وهو أقرب الأشعار من البلاغة وأشبهها بالأمثال السائرة كقول طرفة: "أرى الدهر كنزاً ناقصاً كل ليلة وما تنقص الأيام والدهر ينفد» والأغر: ما نجم من صدر البيت بتمام معناه دون عجزه كقول الخنساء: ومثالها: "فتملأ بيتنا أقطاً وسمناً وحسبك من غنى شبع وري" والأبيات المرجلة هي التي لا ينتهي معناها إلا بانتهاء القافية كقول زهير: "فان الحق مقطعه ثلاث: يمين أو نفار أو جلاء"