كانَ محمدُ بنُ عبدِ الله اللواتي، وكانَ بالإمكان أنْ يُسمَعَ بها الكثير من قصص المغامراتِ في الأصقاع والبلدان الغريبة؛ مما أثار فضول ابن بطوطة للذَّهَابِ إلى هذه الأماكن، وكان ابن بطوطة ينتمي إلى عائلة موسورة من البربر، لذا كانَ من الطبيعي أنْ ئَقَ ابن بطوطة في الدراسة الشرعيّةِ ( ولا سيّما الفقه المالكي، مما أَهَلَهُ - فيما بعدُ - ليصبحَ قاضياً. وبعدَ أَنْ أنهى دراساتِهِ الشرعية بطنجة قامَ - وهو في سن الحادية والعشرين - برحلةٍ إلى مكّةَ وفي ذهنه استكمال تحصيله العلمي على أيدي علماء المشرق. ولكن تلك الرحلة إلى مكةَ أثارت فيهِ حُبَّ استطلاع العالم؛ بدأ ابن بطوطة أسفاره بقصد الحج وزيارة مدينةٍ مكَّةَ المكرّمة، وقد استغرقهُ الأمرُ عاماً ونصفاً للوصول من مدينته في المغرب إلى مكة؛ وزار ابن بطوطة المدينة المروة قبل ما وغِهِ مكَّةَ، وَبَقِيَ فيها أربعة أيام زار فيها الأماكن المقدَّسة في تلك المدينة. غادر ابن بطوطة المدينة المنوّرة مُحرماً، وقد أُعجب ابن بطوطةَ بلُطفِ وكَرَمٍ أهل مكةَ وبنظافة وبقي في مكةَ ثلاثة أسابيع تلقى فيها دروساً على يد العلماء هناك. وقد حجّ ابن بطوطةَ ثلاثَ مراتٍ أخرى إلى مكَّة بعد ذلكَ، زارَ ابنُ بطوطة كلاً من مصر وسوريا والجزيرة العربية، وقد استغرقت رحلة القافلة التي كانَ فيها تسعة أشهر للوصول إلى وزارَ في فلسطين الأماكنَ المُقدَّسَةَ في القدس وبيت لحم والخليل حيثُ الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب. كما جالَ ابنُ بطوطة في أرجاء الشَّامِ دمشق وحمص وحلب وبعلبك)، والحلة والبصرة وبغداد والموصل)، وبلادِ فارس (تُستَر وينظرُ الناسُ باحترام كبير إلى الرَّحَالَةِ ابنِ فائقاً للحضارة العربية الإسلامية في بلادِهِمْ، وعرضَ الأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية التي كانت تعيشها أوطانهم في تلك زارَ ابنُ بطُوطةَ العديد من الأماكن التاريخية والسياحية والمقدسة في أوربا. واستكشف الكثير من الأماكن في الأندلس (إسبانيا) وبلغاريا وبيزنطة (اسطنبول) وروسيا (شمال البحر الأسود والقوقاز وقد اكتشف خلال تجواله العديد من الاختلافاتِ الثقافية بين شعبه والشعوب الأوربية. ولكن تعلَّقَهُ بثقافتِهِ كَانَ يغلب على كلّ وفقا لابن الجوزي تحدَّثَ ابن بطوطة عن نفسه قائلا: "لقد حقَّقْتَ بالفعل - ولله الحمد - رغبَتي في هذا العالم ونلْتُ شرفَ ذلكَ الأمر الذي لم يسبق لإنسان عادي نيله عَطَتْ أسفارُ ابن بطوطة العديد من الأماكن في شرق ووسط وجنوب آسيا، وحينَ وفَدَ على سلطان دلهي محمد بن غياث الدين تُغلق شاه عيَّنهُ قاضياً. وخلال إقامتِهِ عندَهُ زارَ ابنُ بطُوطةَ مختلف أنحاء الهند. بعد عدَّةِ سنواتٍ أرسلَهُ ابنُ تُغلق سفيراً إلى الصّينِ التي كانَتْ تحكُمُها سلالةُ يوان المالكة. ثمَّ أقام بجزائر المالديف (ذيبة المهل) سنينَ قاضياً بينَ النَّاسِ، ابن بطوطة كثيرا با لمن الصيني وزار هانغتسو وبيجنغ. ثم بدأ طريق العودة إلى المغرب فعادَ إلى الهند ثم عبر البحرَ إلى العراق وطاف بالشام؛ ثم قفل عائداً إلى بلده. بعد عودته إلى طنجة بدأ رحلة إفريقيةً زار فيها غرب ووسط إفريقيا جنوبَ الصَّحراء الكُبرى)، واستهجن المعاملة القاسية التي على الرّغم مع كونه كثير الأسفار، إلا أنه لم يكن كاتب رحلات عادي؛ فأسلوبُ كتابهِ ذو مسحة دينية إنسانية، معبراً عن الجوانب الساطعة من الدِّينِ. وإِنْ كانَ قد ضمَّنَ كتابَهُ أيضاً العديد من الأمثلةِ والتَّجارب المتعلقة بالتمييز والاستغلال على أساس ديني وثقافي. يُلخّصُ كتاب رحلات ابن بطوطة ذكرياتِ 29 عاماً من الأسفار وقد أَلَّفَ ابن بطوطة كتابة مستعيناً بالكاتب ابن جزي الكلبي الذي عينه له سلطانُ المغرب ابو عنان المريني بل تعدَّى ذلك إلى التاريخ الطبيعي والجغرافيا والعاداتِ المحلية ومختلف التَّجارب التي مرَّ بها ابن بطوطة في رحلاته كان ابن بطوطة مُلتزما بإسلامه، ويبدو ذلك واضحاً حين قرَّرَ القيام بالأسفار أثناء حجّه إلى مكة المكرمة. وكان ابن بطوطة يتبعُ ما يُمليهِ عليهِ قلبُهُ، لذا فقد شاءَ أن يُصبح رحالة مستكشفا بدلا من عملِهِ في القضاء أو التدريس وكان ابن بطوطة قد وضعَ لنفسه قاعدتين في بداية رحلاتِهِ، ولكنَّه لم يتمكن من الالترام كثيراً بهاتين القاعدتَين. لقد طغى هواه باستكشاف الأماكن الجديدة على القواعد التي وضعها لنفسه، فقد كانَتْ هذه الأماكنُ أكثر تحرُّراً بالنسبة إلى تربيتِهِ المحافظةِ. ولكنَّ هذه التجارب على اختلافِها ساعدت في تكوين شخصيته 000 ميل في أسفاره، ويكون بذلك قد قطع مسافات أبعد من الرحالة الشهير ماركو بولو ؛ لذا أطلق عليه الأوربيون "ماركو بولو العرب" أو "أمير الرحالين المسلمين". ولر حلاته أهمية تاريخية لأنه دونَها ووثقها بنفسه. - ساعدت كتاباته في إلقاء الضوء على العديد من الحضارات المجهولة والحقائق التاريخية الغريبة، ولا سيما ما قصَّهُ عن ملك الهندِ وعِظم إحسانه الذي يفوقُ الوصف. الثقافية، وتثبيتها تاريخياً، ويمكن القول أنه لولا رواياته الغزيرة عن رحلاته لكان فهم العالم مختلفاً لم يعمل ابن بطوطة مطلقاً في السياسة، ولكن بحكم عمله كعالم وقد تعرض للكثير من الصَّدماتِ الثقافية في أماكن مثل جزر وأثناء إقامتِهِ في تركيا راعَهُ ما شَهِدَهُ من معاملة الأزواج لزوجاتهنَّ؛ كل ما كان باستطاعة ابر طة عمله هو إبداء امتعاضه، ولكنَّه لم واختبر ابن بطوطة أيضاً الكثير من المعضلاتِ الثَّقافيةِ والسّياسية في افريقيا، وكانَتْ هذهِ التجاربُ تُقوِّي إيمانَهُ بعظمةِ ثقافتِهِ الإسلامية. وينظرُ البعضُ إلى أنَّ هذا الموقف كانَ مُحابياً للإسلام على حسابِ المعتقدات الأخرى بعد أن قضى ابن بطوطة تسعاً وعشرين سنةً في الترحال أَنْ عادَ إلى المغرب. وكانَتْ آخر تلك التي قام بها إلى غرب ووسط أفريقيا جنوب رحلاته هي وهناك أملى ابنُ بطُوطةَ تقاريرَهُ سنةَ (756هـ/1355م) على ابن جزي الكلبي في بلاط السلطانِ المريني أبو عنان، واشتُهِرَ بقَصِّهِ القصص