ملخص رواية الأيام لطه حسين وكانت أخته تقطع عليه متعته تلك فتحمله إلى الداخل لتقطر له أمه في عينيه سائلا يؤذيه ولا يجدي عليه خيرا ، ثم تحمله إلى حجرة صغيرة لينام فيقضي ليله خائفا مضطربا من الأشباح والعفاريت التي كانوا يخوفون بها ألأطفال حتى يغلبه النوم فينام . ومع ذلك يستيقظ مبكرا ينتظر الفجر حتى يتوضأ والده ويصلي ويقرأ ورده ويشرب قهوته ويمضي إلى عمله قيقوم هو للعب ! كان يحس من أمه رحمة ورأفة ومن أبيه لينا ورفقا ومن إخوته شيئا من الاحتياط في تحدثهم إليه ومعاملتهم له . ثم تبين سبب هذا كله فقد أحس أن إخوته وأخواته يصفون ما لاعلم له به فعلم أنهم يرون ما لايرى ، حدث ذات يوم أن كان يجلس إلى العشاء فأخذ اللقمة بيديه فأما إخوته فأغرقوا في الضحك وأما أمه فأجهشت بالبكاء وقال له أبوه بحزن : ما هكذا تؤخذ اللقمة يابني . وأما هو فلم يعلم كيف قضى ليلته وحرم على نفسه بعد هذه الحادثة طعاما كثيرا وأصبح يحب التستر بأكله دائما ! كان أحب اللعب إليه الاستماع للقصص والأحاديث في قريته فاستمع إلى قصص الغزوات والفتوح وأخبار الأنبياء والصالحين والنساء . وحفظ من جده الأوراد والأدعية كما حفظ القرآن كله في الكتّاب على رجل يسمونه ( سيدنا ) وكان ذلك قبل أن يتم التاسعة من عمره ، فدعاه أبواه شيخا . وهكذا ! كان له أخ في القاهرة يدرس في الأزهر وكان ينتظر كما يقال له أن يأتي أخوه ليأخذه معه فيدرس في الأزهر ولكن أخاه عاد فدفع إليه ألفية ابن مالك ليحفظه خلال العام وكتاب مجموع المتون ، وكلف الصبي أن يذهب إلى المحكمة الشرعية ليقرأ على القاضي ما يريد أن يحفظه من الألفية . وكان والده فرحا وهو يسمعه كل يوم يعيد عليه ما حفظ . ولكن الصبي لم يلبث أن مل هذا الحفظ وترك الذهاب إلى المحكمة وكان يخدع أباه فيقرأ عليه كل يوم من الأبواب القديمة التي حفظها في بداية عهده بالألفية فيصدقه ويبارك له . وعندما عاد أخوه اكتشف الأمر فلم يغضب ولم ينذر ولم يخبر أباه وإنما أمر الصبي أن ينقطع عن الكتاب والمحكمة وأحفظه الألفية في عشرة أيام . كان في قرية الصبي أنماط عديدة من البشر الذين يدّعون المشيخة والعلم في الدين ويؤثرون بأسوأ الأثر على عقول الناس ( لاحظوا أن هذه وجهة نظر الكاتب والله أعلم بحقيقة الأمر ) ، سكن بيتا غريبا ذا طريق غريبة : غرفة أشبه بالدهليز فيها المرافق المادية للبيت ثم غرفة أخرى فيها المرافق العقلية . غرفة النوم والطعام والحديث والسمر والقراءة والدرس ، فيها الكتب وأدوات الشاي وبعض الطعام . كان يشعر بالغربة لأنه لايعرف هذه الغرفة ولايعرف أثاثها كما في بيته في القرية ومع ذلك أحب المكوث لأنه يعلم أنه إنما جاء ليلقي نفسه في بحر العلم فيشرب منه ما شاء الله له أن يشرب . وفي الأزهر كان يمشي سعيدا يخفف خطوه على هذه الحصر البالية التي تنفرج أحيانا عما تحتها من الرض كأنما تريد أن تتيح لأقدام الساعين عليها شيئا من البركة !!!!! ولكنه عاش مع أخيه حياة لم تكن تخلو من عذاب ، ويبقى هو وحيدا في تلك الغرفة حتى يؤذن المغرب فيذهب أخوه إلى درسه ويتركه وحده أيضا يقضي هذا الوقت من نهاره وليله لايعرف النوم ولايعرف السلوى وإنما يعرف عذاب الوحدة والخوف . أقبل اليوم المشهود وسيذهب الصبي بعد درس الفقه إلى الامتحان في حفظ القرآن لينتسب إلى الأزهر رسميا ، وهناك . دعاه أحد الممتحنين بقوله : " أقبل يا أعمى " ! ثم صرفه بقوله : " انصرف يا أعمى فتح الله عليك " ونجح في الامتحان لكن طريقة الممتحن في استدعائه وصرفه تركت أبلغ الأثر في نفسه . أذن الله لوحدته أن تنتهي بوصول ابن خالته الذي كان رفيقه في القرية ليتعلم هو أيضا في الأزهر ، ثم عاد إلى القاهرة واطردت حياته في ذلك العام متشابهة لاجديد فيها إلا ماكان يفيده من العلم كلما أمعن في الدرس ، وكان يجادل الشيوخ كثيرا ويناقشهم في كل ما يقولونه ولا يتقبل أية كلمة ما لم يكن مقتنعا بها تماما ، ثم بدأ يميل لدرس الأدب فحفظ مع أخيه معلقة امريء القيس وطرفة وعشرة مقامات من مقامات الحريري وبعض خطب الإمام علي من كتاب نهج البلاغة وبعض مقامات الهمذاني والكثير من ديوان الحماسة . وما زالوا يتحدثون بالسوء عن الأزهر وشيوخه حتى نزل بهم العقاب فمحيت اسماؤهم من الأزهر . لكنهم أعادوهم مرة أخرى . ومرت السنوات والفتى يذهب إلى الأزهر حزينا ويعود حزينا لشدة الملل الذي اعتراه منه . وأصبح لايذهب إلى الأزهر إلا مرة في الأسبوع أو الأسبوعين . واتصل الفتى بالجريدة ومديرها الأستاذ لطفي السيد وبالشيخ عبد العزيز جاويش وأخذ يجرب نفسه في الكتابة فعرف بطول اللسان والنقد اللاذع ، ومضت الأيام وتتابعت وحان وقت امتحان الأزهر لينال درجة العالمية فاستعد وحفظ ، وبالفعل سقط قبل أن يتم الامتحان !! وقد ذكر الفتى بعد سنين قصته هذه وقصته في الأزهر وقصته حين دخل غرفة الدرس لأول مرة في جامعة مونبلييه فسمع الستاذ يقول لزميله : أيكون زميلك مكفوفا ؟؟ وذلك لنه لم يرفع قلنسوته عند دخوله للدرس . تعلم الفتى الفرنسية ولكنه لم يتقنها . ز وفي تلك الأثناء قرأ في الصحف إعلانا من الجامعة عن بعثتين لفرنسا فكتب إلى رئيس الجامعة أحمد فؤاد يطلب أن يكون أحد المسافرين إلى فرنسا في بعثة درس التاريخ . أقبل الفتى على الدرس وساعده صديق له بقراءة آثار أبي العلاء المعري حتى بدأ في إملاء الرسالة وصديقه يكتب ثم قدمها إلى الجامعة وامتحن فيها فاستحق الدرجة وسافر إلى فرنسا . وكان أول طالب يحصل على الدكتوراه في الجامعة . بدأ في فرنسا بتعلم اللغة اللاتينية وإتقان الفرنسية وتعلم الكتابة البارزة وأحسنها ، وفي تلك المدينة التقى بالفتاة التي أحبها ،