في خضم التغيرات والتحديات التي يشهدها العالم، برزت المقاولاتية كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي. ونظرًا لقدرتها على خلق فرص عمل جديدة، ودمج الابتكار في مختلف المجالات، وتحفيز روح المبادرة لدى الشباب، أصبحت المقاولاتية محط اهتمام كبير من قبل الباحثين الاقتصاديين وصناع القرار في مختلف دول العالم، ولابد من الإشارة إلى أنّ للخوصصة وتحرير الاقتصاد في الكثير من الدول التي كانت تنتهج الاشتراكية كسياسة اقتصادية عمل على تفعيل دور القطاع الخاص الممثل أساسا في مقاولاتية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتعتبر المقاولاتية من الحقول الهامة والواعدة في اقتصاديات الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية على حد سواء، بحيث تفسر هذه الأهمية الدور الكبير للمقاولة في سياق التنمية الاقتصادية وتجديد النسيج الاقتصادي للدول والمجتمعات من خلال إعادة التوازن للأسواق ورفع من مستويات الإنتاج وتشجيع الابتكار والإبداع والقضاء على البطالة. ولا شك أن ظهور الاقتصاد المقاولاتي هو حدث ثقافي وتعليمي أكثر منه حدثا اقتصاديا وتكنولوجيا، وقد عمدت العديد من الدول إلى دمج التعليم المقاولاتي في المناهج الدراسية كمساق لتشجيع المقاولاتية ودعمها بين جيل الشباب في الجامعات، وذلك من خلال تأسيس برامج لتعليم المقاولة وتعزيز مهارات الإبداع والابتكار والقيادة وتطوير مهارات البحث وصولا إلى أهمية توفير المحيط المناسب للارتقاء بالمقاولاتية من مجرد ظاهرة إلى ثقافة وتعليم يتشبع بها كل المجتمع، في مختلف الجوانب بهدف خلق العدالة الاجتماعية. ولتذليل المصاعب التي تواجه مقاولي المشاريع عملت الدولة الجزائرية على إقامة العديد من شبكات الدعم والمرافقة التي تهدف إلى مساعدة ومتابعة المقاولين في تجسيد أفكارهم على أرض الواقع من خلال تزويدهم بالنصح والاستشارة اللازمة فيما يخص كل المراحل التي تمر بها عملية إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأيضا تفادي كل المخاطر التي تواجهها خاصة في المراحل الأولى التي تتضمن البحث عن فكرة المشروع ومصادرها باعتبار أن الأفكار الأولية هي التي تتحول فيما بعد إلى مشاريع حقيقية. ونجد أن العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي ينشئها عادة خريجو الجامعات، تعاني من الفشل لأسباب متعددة، أهمها سوء التسيير وغياب الروح المقاولاتية. ورغم المجهودات المبذولة لإنشاء ودعم هذه المؤسسات، إلا أنّه لا غنى عن إعداد برامج تعليمية مُخصصة لأصحابها في مجالات مختلفة تُعنى بتأسيس وتدعيم وتطوير المؤسسة. وتُعد المقاولاتية عنصرا أساسيا في التدريس الأكاديمي والتطبيقي، وعليه، تقع على عاتق مؤسسات التعليم الجامعي مسؤولية عظيمة في تقديم التعليم المناسب وتشجيع الطلاب على تبني ثقافة المقاولاتية من خلال توسيع فتح تخصصات في هذا المجال ومتابعتها من خلال دار المقاولاتية وحاضنة الأعمال،