ثَانِيًا : التَّدْلِيسُ هُوَ الدَّافِعُ إِلَى التَّعَاقُدِ:( ) ويجب أن يكون التدليس هو الدافع إلى التعاقد وقاضي الموضوع هو الذي يبت في ذلك ، فيقدر مبلغ أثر التدليس في نفس العاقد المخدوع ليقرر ما إذا كان هذا التدليس هو الذي دفعه إلى التعاقد ، ويسترشد في ذلك بما تواضع عليه الناس في تعاملهم وبحالة المتعاقد الشخصية من سن وذكاء وعلم وتجارب ويميز الفقه عادة بين التدليس الدافع dol principal وهو التدليس بالتحديد الذي قدمناه ، والتدليس غير الدافعdol incident ، وهو تدليس لا يحمل على التعاقد وإنما يغرى بقبول شروط أبهظ فلا يكون سببًا في إبطال العقد بل يقتصر الأمر فيه على تعويض يسترد به العاقد المخدوع ما غرمه بسبب هذا التدليس وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية. ) وقد صدرت أحكام لمجلس الدولة الفرنسي طبق فيها المجلس المبدأ الذي بمقتضاه يجب التمييز بين التدليس الدافع أو الأساسي والتدليس العارض واعتبر هذا الأخير ليس سببًا للبطلان وإنما يقتصر الأمر فقط على التعويض. ) وهو إذا اختار الإبطال بقى في دائرة العقد ، وإذا اختار التعويض انتقل إلى دائرة المسئولية التقصيرية . وكل تدليس له هذان الوجهان ، سواء في ذلك ما سمى بالتدليس غير الدافع وما سمى بالتدليس الدافع ( ) . فإذا لم تؤدِ الوسائل غير المشروعة إلى هذه النتيجة كما لو اكتشف المدلس عليه هذه الطرق الاحتيالية فلا يعتبر التدليس دافعًا إلى التعاقد لأن الرضاء لم يتأثر به وكذلك الحال إذا تبين أن المتعاقد المخدوع كان سيبرم العقد ولو لم يقع في الغلط . ) ولا يؤخذ بالطرق الاحتيالية التي يلجأ إليها الخادع ما لم تكن كافية للتأثير في ذهن المخدوع بحيث تحمله على التعاقد ( ) ثَالِثًا : اتِّصَالُ التَّدْلِيسِ بِالْمُتَعَاقِدِ الآخَرِ : لا يكفي استعمال طرق احتيالية تدفع إلى التعاقد ليكون العقد قابلاً للإبطال وإنما يجب بالإضافة إلي ذلك أن يكون التدليس قد اتصل بالمتعاقد الآخر وهو يكون كذلك إذا كانت الطرق الاحتيالية قد صدرت من المتعاقد أو من غير المتعاقدين ولكن المدلس عليه اثبت أن المتعاقد معه كان يعلم أو كان من المفترض أن يعلم حتما بالتدليس فإذا لم يثبت هذا العلم على هذا النحو فلن يكون أمامه إلا الرجوع على المدلس بالتعويض على أساس العمل غير المشروع ( ) وفي ذلك قضت محكم النقض المصرية بان الغش الصادر من أجنبي بطريق التواطؤ مع أحد المتعاقدين يفسد الرضا كالغش الحاصل من المتعاقد نفسه( )