والأساس هنا في تربية الأم والأب أولًا الذين عليهم تربية أبنائهم على مكارم الأخلاق. الأصل في الأخلاق أن تكون أخلاقًا فاضلة سائدة في المجتمع ويتعلمها الجميع من بعضهم بعضًا كسنة حسنة، فالمجتمع الذي يكثر فيه الأشخاص أصحاب الأخلاق الفاضلة يسوده الخير وتسوده كلّ الصفات الحميدة التي ينبغي أن تكون في الأشخاص، خاصة أنّ الأخلاق تنتقل بالعدوى ويتعلّم الناس من بعضهم بعضًا الكثير من الأخلاق المكتسبة مثل: الصدق والأمانة والوفاء وفي الوقت نفسه يتأثّر الناس بالصفات والأخلاق السيئة وقد يقلّدونها حتى تصبح من الطباع الملتصقة بهم مثل: السرقة والخيانة والكذب والقذف والشتم، لهذا يتم إصلاح المجتمع ونشر الأخلاق الفاضلة فيه بإصلاح الفرد أولًا وتنمية مكارم الأخلاق في نفسه حتّى ينشرها ويؤثر بالمجتمع. ويُمكن لكلّ شخص أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية تجاه مجتمعه، وأن يسعى لإصلاح نفسه بأن يكون شخصًا مُتّصفًا بأفضل الصفات ونفسه ممتلئة بالطاقة الإيجابية. كما تُصبح مكارم الأخلاق في المجتمع عادة وتقليدًا يسير عنه الجميع لأنّها تكون الأساس في التعامل فيه. يجب أن تنعكس الأخلاق الفاضلة على الأفعال وطريقة التعامل بين الناس، وألّا تكون مجرّد أخلاقٍ بالاسم. فالإنسان الذي يُنادي بالصدق عليه أن يكون صادقًا وألا يناقض نفسه أبدًا، ومن المعروف أنّ الإنسان صاحب الأخلاق الحسنة يستقي أخلاقه من دينه أيضًا لأنّ الدين هو الأخلاق، بالأخلاق يحيا المجتمع ويصبح مجتمعًا صالحًا، فمجرّد أن يكون أبناء المجتمع أصحاب خلقٍ فاضل تختفي المشكلات العادية من المجتمع ويصبح مجتمعًا فاضلًا يحمل رسالة سامية ويتمنى الجميع أن يكون مثله، وحتى من خلال الدراما التي يجب أن تُركّز على القضايا الأخلاقية. من المهم تدريس الأخلاق في المناهج الدراسية في جميع مراحلها، فهذه كلّها من الأخلاق الحسنة التي تنشر المحبة بين الناس. لأنّ الشخص الذي يكون لديه خلقٌ فاضل ترتبط بقية الأخلاق به فيصبح متصفًا بها جميعًا فلا يرضى على نفسه أن يكون غير ذلك، والأخلاق يجب أن تكون كلّها مجتمعة في الشخص حتى يكون صاحب خلقٍ طيب، القدوة الحقيقية في الأخلاق الفاضلة هو النبي -عليه الصلاة والسلام- وجميع الأنبياء والصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم-، وهؤلاء يجب أن تكون أخلاقهم وطريقة تعاملهم درسًا يتبعه الناس جميعًا حتى يكون المجتمع فاضلًا وراقيًا ولا ينحدر نحو الشر. وفي الوقت نفسه يجب تفعيل أسس العقاب التي تعاقب مَن لا يلتزم بالأخلاق الفاضلة كي يكون عبرة لغيره، وفي الوقت نفسه يتحمل المجتمع مسؤولية كبيرة تجاه الأشخاص أصحاب الخلق السيئ الذين يجب تأديبهم وتوجيه النصح لهم كي يكفوا عن الأخلاق السيئة ويوازنوا بين أقوالهم وأفعالهم. ينهض الإنسان بأخلاقه الحميدة الأخلاق الحميدة الفاضلة سببٌ في أن ينهض الإنسان بنفسه ومجتمعه، ويسعون إلى التقرب منه لأنهم يستأمنون أنفسهم وأموالهم معه، وهذا كلّه يُسهم في تحسين العلاقات بين الناس ونشر المحبة والتكافل والتعاطف، خاصة أنّ الأخلاق الحسنة تنهى عن كلّ الشرور.