خطورة التشكيك في الوحي والقرآن: فكلُّ ما عندنا من تشريعات ومعتقدات إنَّما يرتكز الإيمان بعصمتها على أساس أنَّها صادرة عن الوحي الإلهي، فإذا تمَّ التشكيك في الوحي فأيُّ شيءٍ يبقى في الإسلام؟! فهُم بحسنِ نيَّةٍ، ج-هذه الروايات تخالف صريح القرآن والسنة! ثمَّ إنَّ هذه الروايات منافية لصريح القرآن الكريم كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾(15) والبصيرة هي الرؤية التامة المنتجة للقطع واليقين، وليس ثمَّة من تردُّد فيأنَّ ما يراه محمد (ص) ويسمعه هو وحيُّ الله تعالى الذي كان يُوحيه لأنبيائِه وما انتاب محمّداً (ص) في لحظةٍ من لحظاتِ مبعثه الشريف شكٌّ بل ولا احتمال في أنَّ ما يأتيه ليس وحيًا، فإنَّ القرآن الكريم -وعلى لسان رسول الله- ذكر أنَّ الرسول (ص) كان على بيِّنةٍ من ربِّهِ، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾(17)، وقال تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾(18)، الروايات اشتملت على مضامين غير عقلائية، - ما معنى أن يعامله جبرئيل بقسوة؟! وهذه القسوة برجلٍ يُراد له أن يكون نبياً؟! لا نرى مُبرِّراً معقولاً لأن يُفعل برسول الله(ص) هذا الفعل، - لماذا لم يُعلِمه أن نبيّ؟! بل اقتصر على أمره بالقراءة ثمّ قرأ عليه بعد جهدٍ جهيد الآيات من سورة العلق. - ما معنى أن يجيبه النبي (ص) بـ "ما أنا بقاريء"؟! ويُجيبه النبيُّ (ص) بما أنا بقارئ؟ فالروايات لم تقل أنَّ جبرئيل كانت بيده صحيفة وقال للنبي (ص) اقرأها، فما معنى أن يُجيب النبي (ص) بقوله: ما أنا بقارئ؟! كان من المفترض أن يسأله ماذا أقرأ: فمحمد (ص) عربي، ولكنَّه هل كان لا يُجيد أن يتكلم؟! فكان من المناسب أن يسأل النبيُّ جبرئيلَ، ولم تُشر أيُّ روايةٍ من رواياتهم إلى أنّ بيد جبرئيل صحيفة، - لماذا يُرعَب النبي الأكرم (ص)، ثم ما هو منشأ اختلاف طريقة نزول الوحي على النبي (ص) عن سائر الأنبياء؟! فالوحي عندما ينزل على الأنبياء، فإنَّ أول ما يبدأ بالنزول على نبيّ يُريه برهانًا واضحًا؛ نموذج كيفية نزول الوحي على موسى (ع)  ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى/ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى﴾(19) -أول كلمة ماذا كانت؟- ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾(20)، و يعرف من وكّلته في إبلاغه بتلك المهمَّة ويطمئن بأنَّه مرسل من طرفك؟ إنَّطبيعة الإرسال هكذا تقتضي، الآن فاستمع لما يوحى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾(22) وما هو المطلوب؟ قال تعالى: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾(23)،  ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى / قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى / فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾(26)، فهكذا فعل عندما جاء لمريم هدَّأها وطمئنها(28)، وعندما جاء لإبراهيم: ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾(29)، فالآيات التي تصدّت للحكاية عمَّا وقع لجبرئيل مع الأنبياء، أو أصابه مسّ! ثم متى أخبره جبرئيل بأنَّه نبي؟ لم يخبره إلا عندما أراد أن يُلقي بنفسه من أعالي الجبال، - ومما يزيد الطين بلَّة! بل أنَّهم كانوا يقولون -في رواياتٍ كثيرة- بأنّ النبي (ص) كان له شيطان حتى بعدما بُعث واطمئن، ويقولون أيضاً أنَّه كان يجري منه مجرى الدم في العروق -كان الشيطان يجري من محمد (ص) مجرى الدم في العروق!-،