الاستل ازم الحواري عند بول غ اريس - المفهوم والمقومات – سليم حمدان الملخص: يدور موضوع المداخلة حول أحد أهم مقومات الدرس التداولي ، ألا وهو الاستل ازم الحواري، الذي يعد من أبرز الظواهر التي تتميز بها اللغات الطبيعية، يقوم على فكرة جوهرية، وهي أن جمل اللغة تدل - في أغلبها - على معان ظاهرية غير مقصودة وأخرى ضمنية هي الم اردة بالقصد، تتحدد دلالتها من خلال السياق، فجمل اللغات الطبيعية – حسب غ اريس – في بعض المقامات لا تدل على محتواها القضوي. وتحاول هذه المداخلة الوقوف على كيفية تجاوز السامع المعنى الحرفي للعبارة وانتقاله إلى المعنى الضمني، - وما هي القواعد التي تضبط مسار الحوار؟ - إلام يفضي خرق القواعد؟، وماذا علينا أن نستحضر أثناء العملية التخاطبية؟ الكلمات المفتاحية: الاستل ازم الحواري، الاقتضاء، إن المتتبع لعلوم اللغة يلاحظ ذلك التدفق والتوالد للنظريات، والعلوم التي ينصب جل اهتمامها على اللغة، وهذا التوالد جعل من اللغة حقلا واسعا تسبح في فلكه أ ارء، والتوليدية التحويلية . -كما تقوم التداولية المعاصرة على مفاهيم عملية إج ارئية عديدة كثي ار ما يتداولها الدارسون المعاصرون، متضمنات القول، الإشاريات ، والاستل ازم الحواري، الإطار العام لنظرية الاستلازم التخاطبي: توطئة: إن المشهد اللغوي ولاسيما ميدان الد ارسات اللسانية، إذ أصبحت العلاقة بين المتكلم والمخاطب قائمة على الحوار والتواصل، فالخطاب لا يكون إلا لدواعٍ ومقاصد تحكمها أطرٌ زمانية ومكانية ، وشروط سياقية، كما تعد قواعد التخاطب المتمثلة في الاستل ازم الحواري، من المباحث المهمة في الد ارسات اللسانية التداولية، لما تكشف عنه هذه الآلية من دلالات تعبيرية تؤديها الألفاظ عندما تآلف في علاقات مع بعضها لأجل الكشف عن التواصل بين أط ارف الخطاب، فهاته من آليات إنتاج الخطاب؛ لأنها تقدم مقدرة تخدم المخاطب في إيصال أكبر قدر ممكن من المعلومات، قد لا تستطيع إيصالها العبا ارت المستعملة. أولا-النشأوا مالوم أ م: نظريةة الاسةتل ازم التخةاطبي هةي خاصةة بكيفيةة الاسةتعمال اللغوي أرسى دعائمها غ اريسgris، وتسةاعد علةى رص ةد الاس ةتل ازم التخ ةاطبي باعتب ةاره خرق ةا مقص ةودا لقاع ةدة م ةن القواع ةد 1 ومحاضة ارت سةنة 7817م بعنةوان"الافت ارم المسةبق والاقتضةاء التخةاطبي"، وينطلةق بةول غة اريس مةن فكةرة أن جمةل اللغةة تةدل فةي أغلبهةا علةى معةان صةريحة ، وأخةرى ضةمنية تتحةدد دلالتهةا داخل السياق الذي وردت يه هذه الظاهرة سماها غ اريس الاستل ازم الحواريكنظرية التخاطب أو الاقتضاء theory of conversation2 *كما يقترح غ اريس تخطيا للعبةا ارت اللغويةة التةي تقةوم علةى أساسةها الحمولةة الدلاليةة للمعنى، وتنقسم عنده إلى:3 أولا: الوعاني الصريحة:وهو المدلول عليها بصيغة الجمل ذاتها، وتشمل على: ا- الوحتأ ا القيأ : وهةي مجموعةة معةاني مفةردات الجملةة مضةمنا بعضةها إلةى بعض في علاقة إسناد. ب- القأ ا الإنزاةيأة: وهةي القةوة الدلاليةة المؤشةر لهةا بةجدوات تضةع الجملةة صةيغة أسلوبية ما : كالاستفهام، الأمر، ثانيةا:الوعأاني اليأون ة: وهةي المعةاني التةي لا تةدل عليهةا صةفة الجملةة بالضةرورة ، وتشمل على: ب- معاع ح ارية: وهي التي تتولد طبقا للمقامات التي تنجز منه الجملة مثل الدلالةالاستل ازمية. ويمكن التمثيل لتلك المستويات الدلالية بالشكل التالي الذي يوضح الحمولة الدلالية للعبا ارت اللغوية للجملة التالية: -هل إلى مرد من سبيل؟في شكل الوشزر ت ض حي الآتي:4 *كوا فرق أحود الوت كل بين ق تين ق ا إنزاةية حرة ة، أما الثانية تتولد عن الأولى طبقا لمقتضيات مقامات معينة. 7-من في هذا البيت؟ تنحصر حمولةك7 الإنجازية في مجرد قوتها الإنجازية الحر يةكالسؤال في حين أنك2 تحمل إضافة إلىك سؤال قوة إنجازية مستلزمة مقاميا يمكن اعتبارها كالتماسا *فالفرق بينهما إذن يكمن في: - كما ميز غ اريس بين المعنى الطبيعي والمعنى غير الطبيعي، فالأول هو المعنى الذي تملكه الأشياء في الطبيعة ، فالدخان للدلالة على النار، وهو أيضا ملزم ، فهو يلزم المتكلم بحقيقة واقعة معينة، أما الثاني تجسده كلماتنا وعبا ارتنا وبعض أفعالنا، وإيماءاتنا، فهو يعتمد على القصدintention أو الاصطلاحconvention ، ويمكن ملاحظته ذلك على حالات خاصة للمعنى الطبيعي مثل:الأنين فهو علامة طبيعية للألم يصدر من المرء بصورة لا إ اردية ، ثان ا: مبادئ الاستلزام الح ار : تمتلك العملية التخاطبية مجموعة من القواعد والمبادئ التي تساعد على نجاح العملية التواصلية بين المتكلم والمستمع، وهي: مبدأ التعاون، 1-مبدأ التعام : ما كان يشغل غ اريس هو: كيف يكون ممكنا أن يقول المتكلم شيئا ويفهم شيئا آخر؟ وتحةدد تلةك القةوانين ما يجب أن يفعله المساهمون في الحدث اللغةوي بجقصةى طريةق تعةاوني عقلةي كةاف، وحةدد غة اريس هةذا المبةدأ، وهي تتمثل في أربع قواعد، وهي:9 لا بصةدقها أو ملائمتها . *الصأدق)الك( quanlity:كةن صةادقا، لا تقةدم معلومةات خاطئةة، "الصدق منجاة"، "الأمانة أفضل الطرق". ومسةاهماتك ملائمةة للحةوار، فةلا تخةرج عةن الموضوع؛ لأن"لكل مقام مقال"، "ولكل حادثة حديث. " وتجنةب الغمةوم والرطانةة، وخاطةب الناس على قدر عقولهم، وتخصصاتهم، ب‌- الانتقاداد التي مج ت ل ذ مبدأ: إن مبدأ التعاون، أما الجانب التهذيبي منه فقط أسقط اعتباره إسقاطا، ولا يفيد كثي ار في دفع هذا الاعت ارم من أن يقال: إن غ اريس قد أشار إلى هذا الجانب في عبارته التي جاء فيها "هناك أنواع شتى لقواعد أخرى" جمالية واجتماعية وأخلاقية من قبيل "لتكن مؤدبا"، التي يتبعها عادة المتخاطبون في أحاديثهم ، والتي قد تولد معاني غير متعارف عليها ، فإنه لم يقيم له كبير الوز ن، وذلك لأسباب منها:10 7--أنه لم يفرده بالذكر، بل جمع إليه الجانب التجميلي، بوصف هذه الجوانب جميعا لا تستجيب للغرم. ولا كيف يمكن أن نرتبها مع القواعد التبليغية. -وكانت هاته الانتقادات سببا لظهور مبدأ التجدب. "ويقتضي هذا المبدأ بجن يلتزم المتكلم والمخاطب في تعاونهما على تحقيق الغاية التيمن أجلها دخلا في الكلام. فقاعدة التشكك أقوى من قاعدة التعفف، ولما كانت هذه القواعد تتفاوت قوة يما بينهما، 2-لا تعكس كل الشروط المطلوبة للتواصل. 3-إهمال"لاك ف "للوظيفة العملية والاصطلاحية في قواعدها. وهو مبدأ التداولي الثالث الذي يضبط العملية التواصلية، وقد ورد مضمون هذا المبدأ عند "برام مل منس" في د ارستهما المشتركة:كالكليات في الاستعمال اللغوي=ظاهرة التجدب ، وتتمثل صيغته في" لتصن مجه غيرك" ويرتكز هذا المبدأ على مفهومين أساسين هما:13 ويقوم على ضربين: *ال جه الدافع: فهو أن يريد المرء أن لا يعترم الغير سبيل أفعاله، أو قل هو"إ اردة دفع الاعت ارم. " ب-الت ديد: وهي من الأقوال التي تنزل في التداوليات منزلة كأعمال، ما يهدد الوجه تهديدا ذاتيا، وهي الأقوال التي تعوق بطبيعتها إ اردات المستمع أو المتكلم في دفع الاعت ارم، وجلب الاعت ارف. 1-الخطط التخاطب ة الوتمرفة فلى مبدأ الت جه: وهي خطط تتحقق بواسطة صيغ تعبيرية معلومة، ويذكر لنا كب ارون وكليفنسن منها خمسا يختار المتكلم منها ما ي اره مناسبا لقوله ذي الصيغة التهديدية، -أن يصرح بالقول المهدد من غير تعديل يخفف من جانبه التهديدي. - أن يصرح بالقول المهدد مع تعديل يدفع عن المستمع الإص ارر بوجهه الدافع. 2-استارت ز اد الخطاب في مبدأ ال جه:15 وقد تم تصنيف هذه إلى خمس درجات، لتمثل في مجملها سلما تدرجات التجدب وهذه الأصناف الخمسة هي: أ-الاست ارتيجيات الصريحة. 23 ‌ج- الاست ارتيجيات السلبي. ‌د- الاست ارتيجيات التلميح. ‌ه- الاست ارتيجيات الصمت. 3-نقد مبدأ الت اجه: لم يسلم هذا المبدأ كغيره من المبادئ السابقة من انتقادات، وعلى الرغم من محاولات"نبل ب برام "م"ست من ل مينص " لتدارك النقص الوارد في مبدأ التجدب، وكانت قصوره متعددة نذكر منها:16 حيث تصبح كلها حاملة لصفة التهديد. *تضييق مجال العمل المقوم للتهذيب وحصره في وظيفة التقليل من تهديد الأقوال ب-ال أدف مأن دراسأته: إن الهةدف والغايةة المرجةوة مةن هةذه القواعةد التخاطبيةة، هةو تحقيق الفعالية القصوى لتبادل المعلومةات بةين أطة ارف المحةاورة ؛ أي تحقيةق تواصةل مثةالي، إذن فالاسةتل ازم هةو قضةية معبةر عنهةا ضةمنيا بواسةطة ملفةوظ دون أن يسةتلزمها منطقيةا، وأيضةا تنظةيم عمليةة التخاطةب، التةي يصورها على شةكل لعبةة، ومةا مةن لعبةة إلا ولهةا قواعةد يفتةرم أن تكةون محترمةة17، وأن تنةزل منزلةة الضةوابط التةي تضةمن لكةل مخاطبةة والمخاطةب معةاني صةريحة وحقيقية، وتضبط التخاطب المثالي والصريح بين المتحاورين باعتبارهما ملتزمين أبةدا بمبةدأ التعةاون المنصةو، عليةه، إلا أن المتخةاطبين قةد يخالفةان بعةض هةذه الظةواهر الصةريحة18، والإخةلال بهةذه القاعةدة أو تلةك وجةب علةى الآخةر أن يصةرف كةلام محةاوره عةن ظةاهره إلةى معنةى خفةي يقتضةيه المقةام، الضةمني، غيةر صةريح. 23 حسةب غأار س بخةرق أحةد مبةادئ التعةاون فةي الحةوار، والمعةارف المشةتركة بةين المةتكلم والمسةتمع 19، وقةد لاحةظ غأار س أن بعةض الأقةوال تبلةغ أكثةر ممةا يةدل عليةه مجموع الكلمات التي تكون الجملة أ-الاحت ارز عن التطويل، واجتناب فضل الكلام وحشوه حتى لا يؤدي هذا إلى إتعةاب المخاطَب في تحصيل المطلوب. ب-الاقتصاد في التعبير؛ أي الإيجاز والاختصار والدقة . ج-اعتقاد المتكلم بةجن المخاطةب عةالم بةالمعنى المضةمر، أو بإمكانةه أن يسةتدل عليةه أو يستنبطه من فحوى الخطاب. د-وهناك من يرى سبب ظه وره تتجلى في عجز اللغةات الطبيعيةة نفسةها، مثال:حوار بين الأستاذين كأ وكب نلاحظ من هذا الحوار أن إجابةة الأسةتاذ كب غيةر ملائمةة للسةؤال المطةروح مةن قبل الأستاذكأ وهو ما نتج عنه خرق للقاعدة . ف ةالأول يعتم ةد عل ةى افت ارض ةات المب ةدأ التعاوني، أم ةا الث ةاني ال ةذي ي ةرتبط ببس ةاطة اصطلاحيا بمعاني كلمات معينة، ىفمثلا تحمل "لكن"استل ازما أي لفظ نحو: أ-إنه يعيش وحيدا . ب-ولكنه يتمتع بحياة اجتماعية نشيطة. وتعريف العبا ارت الإحالية. 2-السياق اللغوي وغير اللغوي للخطاب. 4-يجةب علةى المسةاهمين فةي الحةوار أن يكةون علةى علةم بالمعطيةات الآنفةة الةذكر، بةل علةى ضةوء معرفةة مسةبقة بشخصةية هةذا المخاطةب، والاجتماعيةة لمةا فةي ذلةك مةن أهميةة قصةوى فةي بنةاء الفرضةيات التجوليةة التةي يقةوم بهةا المخاطةب مسةبقا ، فكةجن المةتكلم كيبنةي معانيةه ويسوقها إلى المخاطب يفترم يه مسبقا امتلاكه لآليات منطقية طبيعية، واستدلالية وقواعةد خطابيةة بلاكيةة تمكنةه مةن إد ارك مةا يتضةمنه الكةلام مةن معةان مباشةرة ، وهو يتهيج للدخول في عمليةة التجويةل بغيةة الوقةوف علةى المعاني الضمنية للعبارة، فقةد يسةتلزم هذا الكلام أنها ق أرت بعضها، أما إذا قالت :الحقيقة أنني لم أق أر أي كتاب من كتبةك ، لأي استل ازم. فةلا ينقطع مع استبدال مفردات، ولعل هذه الخاصية هي التةي تميز الاستل ازم الحواري عن غيره من أنواع الاستدلال التداولي، وهةو رفةض دخةول الغرفةة خلسةة، وتبدل المفردات. والاستل ازمكب إذا كان المسؤول شخصةا عمةره71سةنة فمةا فوق، فلةو وصةفنا مةثلا رئيسةة الةوزارء بريطانيةا السةابقةكمارغريت تاتشةرد بالم أرة الحديديةة، لوصةلنا للمعنةى المسةتلزم بسةهولة؛ صم ا الق: الذي تجوز تسميته ب"التواصل غير المعلن"كغير المباشر، إلا أنها هذه النظرية لم تسلم من النقد مما استلزم وجود بدائل ومكملات لها من شجنها سد وملأ الف ارغ والنقص، ومن بين الذين ساهموا في هذا" رمبين لاك ف" في مبدأ التجدب، 1 - حافظ إسماعيل علوي، أربد/أردن، ط7، ظاهرة الاستل ازم الحواري في الت ارث اللساني العربي، التداولية عند علماء العرب، دار الطليعة، 4- المرجع نفسه. " ط7، 6 -ينظر:ليلى كادة، المكون التداولي في النظرية اللسانية العربية ظاهرة الاستل ازم التخاطبي أنموذجا، دت، ،81-89. شمس للنشر والتوزيع، ،39. دار البيضاء، 7889م، ،241-242. ،244. دار الكتب الوطنية، المكون التداولي في النظرية اللسانية العربية ظاهرة الاستل ازم التخاطبي أنموذجا، جامعة الج ازئر ، جانفي 2113م، ،21. اللسانيات واللغة العربية بين النظرية والتظبيقكمن تداوليات المعنى المضمر ، ،11. 21 - قويدر شنان، دا ارلأمان، استرتيجيات الخطاب عند الأمام عليكعليه السلام كمقاربة تداولية ، "مؤسسة علوم ونهج البلاغة"، و ينظر: محمود محمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ط7، 7439ه/2171م تبسيط التداولية، شمس للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2،