سئل أبو العلاء المعري ذات يوم عن أي من الثلاثة أشعر من غيره في الشعر فكان رده " أن المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر هو البحتري". فلم يلق حظوة فعاد إلى ولما مات الواثق وبويع المتوكل سنة 223هـ عاد البحتري إلى العراق واتصل بالفتح بن خاقان وزير المتوكل وبالمتوكل نفسه وعاد بعد ذلك إلى منبج ولم يلبث إلا قليلا حتى ويقول للمستمعين : ما لكم لا تقولون واعتبروا أمثال أبي تمام والمتنبي وقد نبه النوروز في غسق الضحى أوائل ورد كن بالأمس نوما فمن شجــر رد الربيع لباسه عليه كما نشرت وشيا منمنما ومما قاله ويدل على رقة طبعه وشاعريته: وَيُحسَبنَ أحيا ناً نُسُوعاً مَجدولَةً في النّسوعِ بَديعِ وَرَأيٌ في الخَطبِ غيرُ صرِيعِ وَرِجالٍ جارَوْا خَلائِقَكَ الغُرّ وَلَيْسَتْ يَلامِقٌ مِنْ دُرُوعِ والجمال، والروح القوي الذي وجمعت بين الأمثال السائرة وحكمة الحكماء؛ فن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضه، كان أبوتمام يتعمق الاعتزال وعلم الكلام بل يظهر أنه مد تعمقه إلى الفلسفة وقد ألمح إلى ذلك الآمدي في كتابه الموازنة فقال لن ينال العلا خصوصا من الفت ـيان من لم يكن نداه عموما صاغهم ذو الجلال من جوهر المجـ ـد وصاغ الأنام من عرضه المتنافرة نشرايدخل البهجة على النفس بما يصور من تعانقها في الحياة شاكلة قوله : فإذا بعضها يرى من خلال بل إذابعضها يتخذ حجة ودليلا على بعض من مثل قوله لمن عذلته على ضيق ذات اليد: حتى قالوا إنه أفسد الشعر وهو لم يفسده بل هيأ له ازدهارا رائعا تسنده فيه ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الإطلاق، ولا وأشجع من أبطالها، حتى تظن الفريقين قد وعين المعرفة التي ما ضل وإني لأذكر كلمة لأحد نقدة العرب وهي: إنما حبيب أبو تمام كالقاضي العدل: ويعطي المعنى حقه، والبحث عن البينة، الخاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــة