وقد ألفت كتب في الفصيح والجيد من اللغة في الوقت نفسه الذي ألفت فيه كتب النوادر والغريب، وكتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، وعند الموازنة بين هذه الكتب لا نجد فرقاً كبيراً بين هذين النوعين من كتب اللغة على الرغم من اختلاف الغاية التي رمى إليها الرواة والعلماء في تدوينهم مثل هذه الكتب. ومن الغريب أن نجد عند التحري والتدقيق أن كتب النوادر تفيض بالفصيح من ألفاظ اللغة، وأن كتب الفصيح مطوية على كثير من نوادر اللغة وغرائبها أيضاً ( وكتب النوادر مليئة بمقطعات الشعر، ولعل استعراض مادة بعض كتب النوادر التي وصلت إلينا كاملة، كما هو الشأن في كتابي أبي زيد وأبي مسحل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مادة كتب النوادر المتنوعة تكاد تكون متشابهة. وقد أورد السيوطي في المزهر فقرات قصيرة قليلة من كتاب النوادر ليونس بن حبيب تدل على أنه كان كثير الرواية فيه عن أبي عمرو بن العلاء، ويوازن بين لغتي الحجاز وتميم (۳)، اقتباسات عده من نوادر اليزيدي تدل على أنه عني عناية شديدة باللهجات، وعني أيضاً بالتعبيرات الخاصة وبالألفاظ المتشابهة التي يخطئ الناس في استعمالها وبالمضاف وبالمصادر التي لا مثيل لها (٤). وتبين مقتبسات المزهر من كتاب النوادر لأبي عمرو الشيباني أنه عني بالألفاظ التي يبدل بعض حروفها، أما نوادر أبي زيد فقد تناول فيها ألفاظاً وتعبيرات واستعمالات غريبة لا تجري على القواعد المعروفة، أما نوادر ابن الأعرابي فتدل مقتبسات السيوطي على أنه التفت إلى الأضداد،