يدعو التقرير الرابع حول الحوكمة في الدول العربية إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة على جبهات عدّة في مجال الحوكمة، ويحاجّ بأنّ عوامل الإقصاء وعدم المساواة الممنهجة وعدم اكتساب الإمكانات البشرية تساهم جميعها في تأجيج الاستياء من الدّولة ومؤسّساتها ويمكن أن تؤدّي في نهاية المطاف إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي وصولاً إلى نشوب النزاعات الخطيرة،ويشير التقرير إلى أنه على رغم التقدّم الملحوظ في مجال الخدمات، وعلى رغم النمو الشّامل والتحسّن في مستويات المعيشة عموماً، فقد حال تنامي نسبة الفقر مع مشكلة البطالة المستعصية ونقص فرص العمل التي لا تزال معالجتها دون المستوى المطلوب، وتزايد عدم المساواة الممنهجة وانعدام سُبُل الوصول إلى العدالة والفرص الاقتصادية بالشكل الوافي والإقصاء وتجاهل حقوق الإنسان وضيق المساحة السياسية وتزايد القمع وتقييد الحريات، بما في ذلك حرية التعبير والتفسيرات غير المتسامحة للقيم الدينية دون تحقيق التقدّم المطلوب على مسار خطة عام 2030 في معظم الدّول العربية. ويُضاف إلى ذلك ضعف المساءلة والفساد وغياب الشفافية الوافية واستيلاء النخبة على موارد الدولة المخصّصة لخدمة جميع المواطنين وضعف مؤسّسات الدولة، وكلّ هذا أدّى إلى تقويض تطوّر الأنظمة السياسية والمؤسساتية اللازمة لقيام أنظمة حوكمة تستجيب لمتطلّبات المجتمع. وقد كشفت جائحة كوفيد-19 والأزمات السّابقة عدم جهوزية المؤسّسات العامّة لمواجهة التّحديات المزمنة والناشئة بالشكل الوافي وألقتْ الضوء على فجوة الثقة المتزايدة بين الدولة ومواطنيها. كان لا بدّ من إصدار تقرير آخر حول عواقب ضعف هيكليات الحوكمة في المنطقة العربية. ويجدّد هذا التقرير التأكيد على الحاجة الى التوسّع في مفهوم الأمن البشري والتركيز على أهميته كحجر أساس لجميع إصلاحات الحوكمة في المنطقة العربية.