ومهما ساءت الأمور فليست شرا كلها ، ولن تجد الناس جميعا يجمعون على أمر واحد ، خاصة إذا تعلق الأمر بالفنون التعبيرية ودورها في تثقيف الإنسان والتعبير عن قضاياه ، فما العلاقة بينهما ؟ وكيف يؤثران في شخصية الإنسان ؟ هذا ما يناقشه الكاتب فؤاد دوارة في النص الآتي : فعمرها يكاد لا يتجاوز السبعين عاما في حين أن الأدب من أقدم الفنون ، إن لم يكن أقدمها جميعا ، فلدينا نصوص أدبية يزيد عمرها على الأربعين قرنا ، فضلا عن المحاولات الشفاهية التي سبقتها ولم تصل إلينا . لذلك كانت للأدب تقاليده الفنية الراسخة ، ومقاييسه الجمالية المصطلح عليها ، في حين أن السينما ما زالت تفتقر إلى مثل هذه التقاليد والمقاييس . ولعل غلبة العنصر الصناعي على السينما وما يترتب عليه من قيم تجارية سوقية هو السبب الرئيسي لتخلفها الفني والفكري ، فالمنتج الذي يملك وسائل الإنتاج السينمائي ويقوم بتمويله ، لا يستهدف عادة غير الربح ، ومن ثم يضع في اعتباره أولا وقبل كل شيء متطلبات السوق ، ورغبات الجماهير الضخمة ومستوى فهمها ، الذي اصطلح على أنه لا يزيد على مستوى صبي مراهق في الرابعة عشرة من عمره ! عقلية القطيع ( 2 ) على نحو ما نرى في أفلام رعاة البقر ، والمغامرات البوليسية ، واللقطات الخليعة ، وتحرك غرائزها ولا تتطلب منها جهدا فكريا من أي نوع ، وتلهيها عن مشاكل حياتها الواقعية ، مما نلمسه آثاره المدمرة في حياة كثير من الشعوب ،