كانت قوة الدولة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأساليب العسكرية التقليدية، و لعل خير مثال على ذلك ما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية والتفوق العسكري لألمانيا آنذاك. مثل استخدام المجالات الكهرومغناطيسية ذات القدرة على التحكم في أنظمة العدو، يتغير مفهوم الحرب الحديثة وتظهر مفاهيم جديدة لا تعتمد على الجنود وميادين القتال، مما يتسبب في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بين الجماهير التي تضعف الدولة وتؤدي في بعض الحالات إلى إفلاسها. لقد أصبحت التكنولوجيا العسكرية سلاحًا استراتيجيًا قائمًا بذاته قادرًا على ردع بعض الأسلحة الاستراتيجية وتدمير المنشآت الرئيسية، بالإضافة إلى أهميتها في تقوية الدول الصغيرة من خلال معرفة "مركز ثقل العدو" وكيفية التعامل معه، من خلال استخدام الأدوات التي أوجدتها التطورات التكنولوجية مثل أنظمة المراقبة والاستطلاع، كأداة ردع محتملة يمكن أن تزيل بعض الأخطار وتقلل من مستوى تهديد القوى الكبرى من خلال الأنظمة المتطورة التي توفرها هذه الطفرة التكنولوجية التي تشكل عنصراً حاسماً في الحروب المعاصرة، فالدول الصغيرة تتجلى مساهمة التطورات التكنولوجية في تمكين القوة في معرفة إسهامها. وقد ركزت الكثير من الأبحاث الأكاديمية والأدبيات السابقة على أثر التطورات التكنولوجية على الاستراتيجية العسكرية للدولة، سعيًا لمعرفة أثر التكنولوجيا العسكرية في تعزيز قوة الدولة في مواجهة القوى الكبرى. وهو يجادل بأن إسرائيل وسنغافورة تهدفان إلى خلق ابتكارات تكنولوجية عسكرية حاسمة تمكنهما من تحقيق السيادة الاستراتيجية، وأن كلا البلدين يزيدان من دعمهما للبحث والتطوير العسكري من أجل الحفاظ على صناعاتهما الدفاعية المحلية واستدامتها. ولأن سنغافورة لا تواجه نفس التهديد المباشر الذي تواجهه إسرائيل، فإن أنشطة الابتكار العسكري لديها أقل كثافة من إسرائيل ومدفوعة فقط بالرغبة في الحصول على التكنولوجيا. ومعرفة كفاءة الأنظمة الاستراتيجية المتقدمة تكنولوجياً وقدرتها على مواجهة الأنظمة الأخرى، وإثبات أن دولة صغيرة ذات تكنولوجيا عسكرية تستطيع ردع دولة كبيرة ذات عمق استراتيجي. إن المسألتين الرئيسيتين اللتين يجب معالجتهما هما: تأثير تطور التكنولوجيا العسكرية على الجيوش الحديثة، وكيفية استخدام الدول الصغيرة للتكنولوجيا العسكرية كسلاح استراتيجي للدفاع عن نفسها ضد طغيان الدول الكبيرة. فإن نظرية الثورة في الشؤون العسكرية أكثر صلة واتساقًا في نفس إطار الموضوع المطروح وعلى هذا النحو، إن التطورات التكنولوجية المتسارعة اليوم أدخلت أجيالاً جديدة من الأسلحة أو زادت بشكل كبير من فعالية الأسلحة الموجودة حالياً، فقد أدت الثورة المعلوماتية وما واكبها من تطوير كبير في وسائل الاتصال إلى تغير ثوري في أساليب وأنماط الاستطلاع وجمع المعلومات وتحليلها وتوزيعها وبالتالي اتخاذ القرارات بشكل أكثر دقة ونجاعة. فقد دخلت التقنيات الجديدة أيضًا إلى مجال التدريب وأصبحت من أبرز سماته في القوات المسلحة الحديثة، حيث يتم الآن إجراء جزء كبير من التدريب على أجهزة المحاكاة التي تتيح للمتدربين والمدربين فرصة تطبيق جميع السيناريوهات التي من المحتمل أن يواجهوها في ساحة المعركة (برًا وبحرًا وجوًا) وكذلك تقييم ردود أفعالهم تجاهها، ودون استهلاك معدات ودون تعريض طاقم التدريب للخطر. إن حدود استخدام التكنولوجيا في القطاع العسكري ليست محدودة، وهناك عقبتان أساسيتان أمام تطوير أنواع جديدة من الأنظمة والأسلحة: هما التكلفة المادية ودرجة الحاجة إلى هذه التكنولوجيا. تعتمد حرب اليوم على الذكاء والابتكار، وبدأت الدول في تبني قضية التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة ، لكن يمكن للإنسان أن يستغل هذه التقنيات في إلحاق الضرر البالغ بأخيه الإنسان، وظهر خطرها عندما ظهرت في مجال الحرب، خاصة عندما دخلت مجال تنفيذ نظرية الحرب بصفر قتيل، وهكذا أصبحت أخطر أنواع الحروب ، والتي أصبحت أكثر خطورة على الأمن القومي والاستقرار من الحروب التقليدية في جميع دول العالم ، التي أحدثتها التكنولوجيا الحديثة، تهديدا للسلم والأمن الدوليين وللمدنيين في جميع أنحاء العالم من حيث سهولة استخدام التكنولوجيا، وأساليب الإقناع، مؤكدا أن طريقة الحرب قد تغيرت لأن 80 إلى 90 ٪ من سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية مكتظة بالسكان، رالف لانجر ،