نظريات التف�سري حينما طور عامل والتي 97 عرفت با�سم نظرية العدوى Theory Contagion. وقد ذهب إىل أن النا�س يفقدون قدرتهم على التحكم يف أنف�سهم داخل اجلماعة ـ أو ال�سلوك اجلماهريي ـ لأن هويتهم ال�شخ�صية و�شعورهم فبف�ضل م�شاركتهم، ي�سمح النا�سلأنف�سهم أن يتحولوا من ً أحكامهم ال�شخ�صية التي يجرفها العقل اجلمعي للجماهري. ً مع م�شاعر اجلمهور. عن أفعاله حينما كان منجرفا املدنية احلا�ضرة، وال�صناعية. غري أن هذه النظرية قد تعر�ضت النتقادات، ال يتحولون لأ�شخا�ص خمتلفني، وإمنا 39( ومن ناحية أخرى، حاالت أخرى عديدة، الخ، أكرث من كونها تلقائية. ً عن هذه املحاولة املبكرة لتف�سري ال�سلوك اجلمعي، وبعيدا لتف�سري ن�شأة و�سلوك وأفول احلركات االجتماعية، املارك�سيـــة Marxism 41( االجتماعية حمكوم مبا يلي : أ. إن جوهر الإن�سان يكمن يف منظومة العالقات االجتماعية التي حتكمه يف زمن معني من تاريخ / طبيعة النظام القائم. 98 الذي تتخذه ملكية و�سائل الإنتاج و أ�شكال توزيع الرثوات و أو�ضاع الطبقات . ج. إن تاريخ تطور احلركة االجتماعية هو تاريخ تطور القوى املنتجة االجتماعية والتحوالت وهكذا، فإن وجود الطبقات يف النظام الرأ�سمايل يحتم وجود ال�صراع الطبقي بني الطبقة وتتناول املادية اجلدلية و املادية التكوينات االجتماعية، تلك القوانني التي ميكن اكت�شافها وا�ستخدامها دون القدرة على تعديلها وهدمها وال يدوم مفعولها مدة طويلة، الداخلية وهي يف حتول دائم، ومن أهم هذه القوانني قانون التوافق ال�ضروري بني عالقات الإنتاج االجتماعية و �صفة القوى املنتجة االجتماعية، احلركة االجتماعية، وكل تطور يطرأ على أ�سلوب الإنتاج ينعك�س على النظام االجتماعي ككل. ويقول مارك�س يف هذا ال�صدد: » ما أن يتغري الأ�سا�س االقت�صادي حتى يطرأ على البنيات الفوقية الوا�سعة حتول �سريع جدا، ويف درا�سة أمثال هذه التحوالت ينبغي علينا دائما أن منيز بني التحول املادي يف أو�ضاع املجتمع االقت�صادية املي�سور تقريره مبثل دقة العلم الطبيعي ، وبني الأ�شكال الت�شريعية وال�سيا�سية واجلمالية حتى النهاية«. والأدوات وامل�سار، وقد وأنه مل يكد يتناول ال�سيا�سي. فال توجد بالتايل حركة اجتماعية إال وهي �سيا�سية بال�ضرورة. ً يف تناول احلركات االجتماعية التي قد ال تتخذ م�سارا 99 أهدافا لقد �سعت املارك�سية اجلديدة لتجاوز هذا االنتقاد، ً كما أنها تعرب عن أ�شكال من االجتماعية، الوعي امل�ضمر اجلمعي )44(. ويف هذا ال�سياق، تناول ”كا�ستلز“ Castles احلركات االجتماعية احل�ضرية من خالل نظريته عن اال�ستهالك اجلمعي. وقد كانت فكرته هي أن الطابع اجلمعي للحياة ومل ينطو هذا �ضمنيا ذلك فإن احلركات احل�ضرية عنده تثري االنتباه إىل م�شكالت احلياة اجلماعية. وقد اعترب الدولة ًحال ً حمتمال للم�شكالت إذا ما خ�ضعت ل�ضغط �سيا�سي كاف. وقد نه�ضت أطروحته على إدعاء مؤداه ً ـ على الرغم من أنها ثانوية ـ أو تأتى وأن احلركات احل�ضرية موازية بنائيا على رغم أن 45( اال�سرتاتيجيات التي تتبناها الدولة قد تنجح يف احتواء الت�سيي�س املحتمل لهذا املجال. ويف إطار درا�سته للحركات االجتماعية، ركز ”كا�ستلز“ على مفهوم ال�سيا�سات احل�ضرية، و�سعى لتفكيك مكونات هذا املفهوم، فكلمة �سيا�سة ت�شري إىل الأبنية التي يوجد املجتمع من خاللها �سيطرة �شواهد أو دالئل خمتلفة ير�سيها والتي تؤكد أما احل�ضرية 46( فت�شري إىل عمليات تنظيم اال�ستهالك اجلمعي. وأن�ه ال وجود لهذه احلركات خارج نطاق التناق�ض بني الطبقة الربجوازية امل�سيطرة والطبقة ومن ثم فإن احلركة االجتماعية تقرتن بن�ضال هذه الأخ�يرة �ضد اال�ستغالل كما أنها تكاد تتطابق مع مفهوم والقهر. 100 تتجاهل املارك�سية احلركات خارج �سياق ال�صراع الطبقي، كما أنها ال تويل اهتماما يعتد به باحلركات االجتماعية غري املندرجة يف إطار ما تعده القوى الرئي�سية لأغلبية املجتمعات. تتميز الوظيفية بانحيازها القوى وال�صريح نحو العالقات االجتماعية امل�ستقرة ذات الطابع بل والذي فالوظيفية تنظر إىل هذه احلركات غري اخلا�ضعة لل�شرعية والأعراف والقواعد امل�ستقرة ك�سلوك ي�ستهدف امل�سا�س بالنظام القائم، بالتحليل والتف�سري، ولعل من أهمها: أطلقها بع�ض املفكرين يف الأربعينيات واخلم�سينيات من القرن املا�ضي. النظرية مفهوم احلركات االجتماعية بحدوث أن�شطة مثل: االنتفا�ضات اجلماهريية، واملظاهرات، وأ�شكال من الهي�سرتيا اجلماعية؛ ظروف غري طبيعية من التوتر الهيكلي بني املؤ�س�سات االجتماعية الأ�سا�سية؛ وإيطاليا، واليابان(. حيث ال حتتاج املجتمعات 48( ال�صحية إىل حركات اجتماعية، بل تت�ضمن أ�شكال من امل�شاركة ال�سيا�سية واالجتماعية. وهي تؤكد أنه حينما ي�ست�شعر عدد كبري من النا�س احلرمان من أ�شياء يحتاجونها لتح�سني حياتهم، فإنهم �سينظمون حركة للح�صول عليها، وتقوم هذه النظرية على مفهوم احلرمان الن�سبي، املا�ضي، وباحلزن والقلق إذا كانوا أ�سوأ. أما احلرمان املطلق فلن يدفع لن�شأة احلركات االجتماعية، إذ لو كان اجلميع فقراء، 101 49( وت�صري ن�شأة هذه احلركات ً أقل احتماال. فإن املجتمعات ال ً أكرث ثراء تزخر بحركات أكرث ت�ضم أولئك الذين ي�ست�شعرون حرمانا ورمبا حركات يف مناطق ن�سبيا 50( بعينها ت�ست�شعر عدم امل�ساواة. لقد أكد ”جيم�س ديفيز“ Davis أن احلركات الثورية ال حتدث يف ظل ظروف الفقر املدقع، وإمنا حتدث ا�ستجابة للفقر أو احلرمان الن�سبي. وأ�ضاف أن هذه احلركات قد تت�شكل نتيجة للحرمان الناجم عن فقدان امتيازات متوقعة. وهذه التوقعات تنطبق على الظروف 46( ويبدو أن النظرية ال�سابقة تركز حتليلها على أثر عامل احلرمان االقت�صادي فح�سب دون غريه من العوامل الثقافية واالجتماعية وال�سيا�سية والتي يتجلى أثرها يف ظهور العديد من الأنواع الأخرى للحركات االجتماعية. كما أنها ال تو�ضح ال�سبب يف ان�ضواء بع�ضهم للحركات االجتماعية على نظرية املجتمع االجتماعي Community Social: رأى ”كورنهوزر“ أن احلركات االجتماعية تت�شكل بوا�سطة أولئك الذين يعانون العزلة االجتماعية، والتهمي�ش يف إطار املجتمع اجلماهريي الوا�سع، القوى بعائلة أو أ�صدقاء لكونهم هام�شيني بالن�سبة للمجتمع؛ ومن ثم ينخرطون يف اجلماعة بيد أن هذه النظرية تتجاهل تلك احل�االت التي ين�ضوي فيها الأف��راد يف حركات يؤمنون 53( مببادئها، ودون أن يكونوا من أولئك املنعزلني املهم�شني. حاول ”�سمل�سر“ )1962( من خالل هذه النظرية ا�ستيعاب اجلوانب التي طرحها �سابقوه وذلك من خالل فقدم د. عبد ال�سالم نوير وال�شكل الذي يأخذه ال�سلوك 55( وذلك من خالل �ستة متغريات أ�سا�سية هي: 1 ـ البواعث الهيكلية أو البنائية: مبعنى أن البناء االجتماعي يجب أن يكون باعثا ال�سلوك اجلمعي، وي�شري ”�سمل�سر“ فيها إىل: أ - الأو�ضاع واال�ستعدادات البنائية التي ت�سمح بوجود احلركات االجتماعية. 2 ـ التوترات البنائية: وهي التوترات ال�سيا�سية، والتوترات الطبقية، والتوترات االجتماعية والثقافية، التي ت�شكل بع�ض ال�ضغوط. التغيري، وأخ�رى تبغي احلفاظ على الو�ضع القائم. حينئذ يبدأ تبلور الإيديولوجيات العامة للحركة. يف بلد ً آخر مثال. ً لنجاح احلركة، وهنا تربز هذا بالإ�ضافة إىل القدرات التنظيمية للحركة. وهو ما يدفع امل�سؤولني عن هذه الأو�ضاع إىل التحرك ملواجهة ذلك التهديد وحماولة إنهاء احلركة ب�شكل أو ب ً آخر، احلركات االجتماعية وال�سيا�سة درا�سة نظرية 103 القائم، أو ب�سيا�سة القمع با�ستخدام القوة يف التعامل مع احلركة. والدور ً يف جمال درا�سة احلركات اخلارجي املؤثر عليها، إال أنها تظل النظرية الأكرث �ش ً موال وتف�سريا االجتماعية. ومن ثم فإن هذا النوع من الدرا�سات يحلل » املظامل » املختلفة التي تدفع الأفراد لالنخراط يف هذه احلركات غري أن هذا التيار – وب�سبب هذا املنظور – قد وجه اهتمامه إىل ال�سلوك االحتجاجي الناجت عن تلك الدوافع واعتربه �سلوكا الأطر ال�شرعية للم�شاركة ومن هنا جاء تركيزه على موجات العنف، 51( االجتماعية تن�شا ب�شكل تلقائي نتيجة ل�ضغوط تلك املظامل ورغبة الأفراد يف احلد منها. النظريات احلديثة املف�سرة للحركات االجتماعية ً أنها لي�ست كافية توجد بها نف�س تلك املظامل ولكن دون أن تؤدي بال�ضرورة إىل ن�شأة احلركات االجتماعية، وكان ً »ر�شيدا الأفراد مثله مثل امل�شاركة عرب الأطر ال�شرعية املعروفة .