مقدمة لكن وجودها وأهميتها أمر مسلّم به. لا يتردد الباحثون الكميّون في التعبير عن ولائهم لمبادئ يظهر أهمها في الإطار 1. سوف نستكشف في هذا الفصل هذه المبادئ البحثية اقشهاء ونبيّن كيف يستخدمها الباحثون ويسوغونها. ومعظم هذه المبادئ سوف يُناقش في الفصول الأخرى مباشرةٌ و/ أو بصورة غير مباشرة وبمزيد من التكثيف. وتجدر بنا ملاحظة أن هذه المبادئ غالبًا ما يُشار إليها بأسماء أخرى؛ على سبيل المثال» يستخدم الباحثون النوعيون مفاهيم أخرى حين يتناولون مبادئ قالبهم البحثي. أولا : القياس تبدأ سيرورة البحث عادة بالإعداد النظري لموضوع البحث أو بصوغه (وهي خطوة معقدة ومتنوعة وهذا ما يضع الأسس لباقي أجزاء البحث، لا بد لنا من أن نأخذ في الاعتبار عنصرًا آخر أساسا وعاما في عملية البحث وواحدا من مبادئ البحث الاجتماعي، كما أنه ضروري للإجراءات التي سنشرحها في الفصل الآتي، حيث تتناول خطوة الإعداد للبحث. سنقدم مفهوم القياس وطبيعته وأنواعه وعددا من القضايا المتعلقة به. وسننظر إلى القياس بصفته عنصرا من عناصر البحث الاجتماعي، وسنوضح طبيعته وأنواعه وأهم خصائصه. يساعد القياس في تحقيق: الإطار 2. الكفاية في الموصف والتقويم؛ إذ يتناول المفهوم تناولا كاملا. الاتساق في الوصف والتقويم عبر الزمن وبين الباحثين. المقارنة بين المفاهيم المعقدة وتحديد الفروق الدقيقة بينها. الدقة والإتقان في الإجراءات، من خلال الأخذ في الاعتبار جميع جوانب المفاهيم. . إعادة تطبيق البحث الاجتماعي في السياق نفسه أو في سياق مختلف من الباحث نفسه أو من آخرین. 2.1 طبيعة القياس يتضمن البحث الاجتماعي، بغض النظر عن نوعه وطبيعته، وهو إجراء مفيد جدا لأنه يضمن جودة عالية في البحث الاجتماعي. وبشكل عام يُجْرَى القياس ليساعد في تحقيق الكفاية والاتساق وإجراء المقارنات والانسجام والدقة والإتقان في وصف المفاهيم وتقويمها. بشكل عام، يركز القياس الكمي على القيم والصفات الرقمية، يصف البحث النوعي الخصائص باستخدام مفاهيم أو رموز عامة، وقد يُدخل مفاهيم ورموزا جديدة؛ وهذا إجراء عام يتضمن وصف الفئات وتصنيفها. على سبيل المثال، فهو عملية تصنيف وتسمية ووصف. 3.1 المتغيرات والحالة الاجتماعية عازب، متزوج، مطلق، أرمل، وعكس المتغيرات هي الثوابت التي تتخذ قيمة أو شدة واحدة. يتبع بناء المتغيرات إجراء منتظما يلتزم قواعد القياس. لذلك يجب أن تلبي المتغيرات شرطين بالغي الأهمية أن تتعلق بمفهوم واحد، وأن تكون قابلة للقياس هناك أنواع كثيرة من المتغيرات. وهذه الأنواع تتغير وفقا لعدد من المعايير مثل : طبيعة المتغيرات (متغيرات جغرافية أو سكانية . إلخ)، ومكانتها في البحث (متغيرات مستقلة أو تابعة)، إضافة إلى عوامل أخرى. وأهم أنواع المتغيرات ما يلي: المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة يمكن أن يكون المتغير المستقل في دراسة عن حال الأسرة والتحصيل الدراسي هو حال الأسرة، إذ يكون المتغير نفسه (التحصيل الدراسي) هو المتغير المستقل في دراسة ما ( عندما نحاول الإجابة عن السؤال: هل يؤثر التحصيل الدراسي في استهلاك الكحول؟)، وقد يكون هو المتغير التابع في دراسة أخرى ( عندما نحاول الإجابة عن السؤال: هل يؤثر الجندر في التحصيل الدراسي ؟). المتغيرات الخارجية هي متغيرات خارج سؤال البحث، أو حجاجه أو فرضيته؛ وتختلف عن المتغيرات المستقلة والتابعة فعلى سبيل المثال، في دراسة تتحرى صدق نظرية أن العرق (متغير مستقل) يرتبط بالتحصيل الدراسي (متغير تابع) (كأن يكون تحصيل البيض أعلى من تحصيل السود)، فإن السبب الحقيقي في التغيرات في التحصيل الدراسي قد لا يكون العرق المتغير المستقل) بل مستوى الدخل والتحيز كمتغيرين غير متوقعين ولم يوضعا في الحسبان أصلا وليسا جزءا من معادلة البحث التي وضعها المنظرون الأصليون في مثل هذه الحالة يكون الدخل والتحيز متغيرين خارجيين، المتغيرات المنفصلة والمتغيرات المتصلة يختلف هذان النوعان من المتغيرات أحدهما عن الآخر من حيث استمرارية المقياس؛ فالمتغير المنفصل غير متصل بل يستخدم وحدات كاملة فحسب، 2 ، 1، 85. 6 كلغ. إن المتغيرات المنفصلة تعد ولا تقاس، ومن المتغيرات المنفصلة متغير الإثنية العرق، الجنس، الحالة الاجتماعية، ومن الأمثلة على المتغيرات المتصلة: الطول المسافة الزمن العمر، درجة الحرارة أو درجات نسبة الذكاء. تتعامل هذه المتغيرات مع البيانات السكانية مثل العمر ومكان الإقامة والدين والحالة الاجتماعية وحجم الأسرة والعرق والتعليم والتفضيل الجنسي. ويجدر بنا أن نتذكر بأن المتغير السكاني قد يكون مستقلا أو تابعا وقد يكون متصلا أو منفصلا وفقا لطبيعة تصميم البحث. هناك تمييزات كثيرة بين أنواع المتغيرات معظمها شائع لدى استخدام الإحصاءات المتقدمة فهناك على سبيل المثال، متغيرات كمية» وأخرى نوعية». تستخدم المتغيرات النوعية المقياس الاسمي مثل الأصل العرقي الأصل الإثني، الانتماء الديني الجنس بينما تستخدم المتغيرات الكمية المقاييس المتربة والترتيبية. 4.1 مستويات القياس يمكن إجراء القياس على أربعة مستويات تختلف من بين أشياء أخرى وفقا لدرجة موافقتها خصائص نظام الأعداد الحقيقية. وهذه المستويات الموافقة الأربعة ومقاييسها الموافقة هي: القياس الاسمي، يمتاز القياس الاسمي بأقل درجة من الموافقة مع نظام الأعداد الحقيقية، بينما يمتاز القياس النسبي بأعلى مستوى من الموافقة. القياس الاسمي: الإطار 3. ليس له نقطة صفر. لا يمكن ترتيبه في مقياس متصل من الأدنى إلى الأعلى. يولد بيانات اسمية أو فئوية. بعد القياس الاسمي أبسط أنواع القياس وأدناها درجة وأكثرها بدائية. كذلك فإن الأرقام المحددة للفئات ليس لها معنى حسابي، وتستخدم فحسب للتعريف ولا يمكن جمعها أو طرحها أو ضربها أو قسمتها أو التعامل معها بأي شكل حسابي. إن تصنيف المبحوثين إلى فئات مثل: ذكر - أنثى، شاب - عجوز، عازب، متزوج، يعيش بالمساكنة منفصل، كاثوليكي، بروتستانتي، أنغليكاني أو أرثوذكسي يعتمد على القياس الاسمي. من الجدير بالذكر هنا أنه لا يمكن أن يستخدم من المقاييس الإحصائية في هذا السياق سوى تلك التي صُممت للقياس الاسمي. 2.4. 1 القياس الترتيبي لا يقتصر القياس الترتيبي على تصنيف العناصر إلى فئات فحسب، بل يتضمن أيضًا ترتيب البيانات والمتغيرات في مقياس وفقا لحجمها، أي من الأقل إلى الأكبر (علاقة متعدية). صغير، الأكبر)؛ النوعية (سيئ، جيد جدا ممتاز)؛ متوسطة، متوسط، عال)؛ الدخل متدن، متوسط، 3.4. بل يقدم أيضًا معلومات عن المسافة بين القيم، ويتضمن فترات متساوية يرتب فيها الموضوعات. تمكن هذه الطريقة الباحث من تقويم الفروق بين المبحوثين والحصول على مزيد من المعلومات المفصلة حول موضوع البحث. الإطار 5. يتضمن وحدات متساوية. قياس كمي في جوهره. يحدد المسافة الرقمية بين الفئات. يمكن القياس الفتري الباحث من تحديد ما إذا كانت قيمتان متشابهتين أو مختلفتين كما هو الحال في القياس الاسمي؛ تحديد ما إذا كانت قيمة ما أكبر أو أصغر من الأخرى ( كما في القياس الترتيبي)؛ تأكيد درجة الفرق بين القيمتين. لا توجد فيه نقطة الصفر الحقيقية، وإذا ما استخدم الصقر فهو يُحدد عشوائيا لتسهيل العمل فحسب ولا يعني الصفر غياب المتغير. على سبيل المثال، إذا كان معدل الذكاء لطالبين هو 105 و 125 ، وفي القياس الفتري نقول إن معدل ذكاء الثاني أعلى بعشرين نقطة من الأول، ولا نقول مثلا إنه يفوق الأول بخمس (5/1) . 4.4. يتضمن هذا القياس عند هذا المستوى جميع خصائص الأنواع السابقة، وهذا يعني غياب المتغير المعني. وببساطة فإن القياس النسبي هو قياس فتري مضاف إليه الصفر الحقيقي، وتاليا فإن جميع خصائص القياس الفتري تنطبق على القياس النسبي. إذا كانت سرعة استجابة طالبين المثير ما هي 10 ثوان و 20 ثانية. يستخدم هذا القياس في العلوم الاجتماعية عند قياس متغيرات سكانية، وهذا أمر مضلل لأن عدم وجود رأي هو والآراء يعني عدم وجود ا رأي بحد ذاته. ويمكن جمعها وطرحها وضربها أو تقسيمها. عدد الكتب التي يمتلكها أفراد الدراسة، 5.4. 1 قياس المتغيرات لا تقاس المتغيرات على مستوى واحد فحسب بل تعتمد طريقة قياس المتغير على كيفية إدراكه وعلى نوع المؤشرات التي استخدمت في أثناء عملية القياس. يمكن قياس المتغير نفسه بطرائق متعددة؛ فمثلا يمكن قياس متغير العمر وفقا للقياس الاسمي إذا كان تعريفه في فئات منفصلة كبيرة، مثل الطفولة والمراهقة وسن الرشد ومنتصف العمر والشيخوخة، أو في فئات مثل صغير أو كبير. كما يمكن قياسه أيضًا بالقياس الترتيبي عندما يُرتب أفراد الدراسة وفقًا للعمر تنازليا من الأكبر إلى الأصغر. الصفر الحقيقي والصفر العشوائي أدى استعمال الصفر الحقيقي كصفة مميزة للقياسات النسبية إلى شيء من الارتباك بسبب صعوبة التمييز بين الصفر الحقيقي والصفر العشوائي. لأن الصفر الحقيقي له معنى، على سبيل المثال، عندما نفيس الحرارة، فإن درجة الصفر لا تعني عدم وجود حرارة مطلقا وفي قياس الاتجاهات فإن درجة الصفر لا تعني عدم وجود اتجاه مطلقا ( لأن عدم إبداء الرأي في مسألة ما هو رأي). فهذه الأصغار ليست حقيقية، فإن الصفر في مثل هذه الحالات يعني عدم وجود هذه المعايير : أي أنه يعني عدم وجود أطفال ولا دخل ولا سيارات، فهذه إذا أصغار حقيقية والقياس الذي يستعمل مثل هذه الأصفار هو الذي يستخدم في القياس النسبي وحده. يمكن استخدام القياس الفتري لقياس العمر، فالقياس الفتري لا يوضح لنا من هو صاحب السن الأكبر (كما في القياس الترتيبي) فحسب، وأخيرا يمكن قياس العمر باستخدام القياس النسبي لوجود الصفر المطلق (غير العشوائي) فيه. فالشخص لا يمكن أن يكون أقل من صفر في العمر، على الرغم من درجة الحرية التي يتمتع بها الباحثون عند قياس المتغيرات فإن هناك قاعدة عامة لقياس المتغيرات على أعلى مستوى ممكن وبشكل عام تقاس المتغيرات المنفصلة على المستوى الاسمي أو المستوى الترتيبي، بينما نقاس المتغيرات المتصلة على المستوى الفتري أو النسبي. 1 خلاصة إن جميع مستويات القياس فاعلة ومفيدة في سياقاتها الخاصة وللأغراض التي طورت من أجلها. لكن القياسات الاسمية أقلها دقة، يليها القياسات الترتيبية ثم القياسات الفترية، ثم القياسات النسبية التي تتمتع بأعلى درجة من الدقة والإتقان.