لاصة كتاب البخلاء:‏ وما يجوز في باب الجد. وكذلك عن الباعث على تأليفه، والإلماع إلى مصادره والأبواب التي سيتناولها. وقد جاءت مقدمته على شكل رسالة موجهة إليه من صاحب لم يذكر اسمه، وأوضح الجاحظ في المقدمة أن أشخاص البخلاء بعضهم حقيقيون، وبعضهم الآخر وهميون لم يذكر أسماءهم: "وقد كتبنا لك أحاديث كثيرة مضافة إلى أربابها، 13). منهياً كتابه بفصل عن ضروب الطعام عند العرب، وما يتهاجون ويتمادحون به في هذا الباب. فمن رسالة سهل بن هارون في آداب الإنفاق، إلى تصوير بخل أهل خراسان، ولاسيما أهل مرو الذين يكاد يكون البخل فيهم فطرة وغريزة يولدون عليها. لإكثار الناس في أهل خراسان، تغديتَ اليوم؟ فإن قال: نعم، قال: لو كنتَ تغديتَ لسقيتُكَ خمسةَ أقداح. ".(14). وإنما هو وباء تسرب إلى الحيوانات أيضاً. وفي هذا يتابع الجاحظ فيقول: "وقال ثُمامة: لم أرَ الديك في بلدة قط إلا وهو لافظ، إلا دِيَكَة مرو، فإني رأيت ديكة مرو تسلب الدجاج مافي مناقيرها من الحب. قال: فعلمتُ أن بخلهم شيء في طبع البلاد وفي جوهر الماء، 15). ومن قصص أهل البصرة من المسجديين ص /56/ إلى قصص زبيدة(16)، بن حميد ص/64/ وليلى الناعطية /67/ وابن خلف /71/ وابن يزيد /77/ التي تدور على أن لُحمة البخل كصلة النسب. لا في جمعه. ومن نوادر أبي جعفر الطرسوسي ص/97/، وأبي محمد الحزامي ص/98/، والحارثي /109/. والكندي/129/ وابن المؤمل/147/، والبخل مال وذم، وأن سوء المعاملة في أمور المال تؤدي إلى هبوط الأسعار والكساد الاقتصادي، والأصمعي/220/، وأبي عُيينة /221/. وآداب الضيافة عندهم!!. ومن خلال هذا العرض، يمكن أن نضع يدنا على أنموذجات متعددة مثلت جوانب كثيرة باستطاعتنا أن نردها إلى المسارات الخمسة التالية التي قصد الجاحظ إليها، وهي(17):‏ والمقترين على أنفسهم وعلى ذويهم، وأن الادخار هو العقل بعينه. وفطن لمن فطن لعيبه، فطن لضعفه عن علاج نفسه وعن تقويم أخلاطه. ولربح الإنفاق على من يذمه"(19). إلا أن اللا شعور لا يلبث أن يلفظها دون وعي منهم. فتطفو على السطح وقد هتكت سترهم. وكشفت عن مرضهم "ودلت على حقائق التموهين. وفصلت بين المقهور المنزجر ـ في طوايا النفوس ـ والمطبوع المبتهل". 20). والكتاب من هذه الزاوية، المسار الرابع: يتجه الجاحظ فيه إلى تصوير حالات الشره والنهم في الأكل، وتبيان حال المعوزين في كيفية الحصول على المال، كقصص الحارثي؛