وَعِندئذٍ اندفَعَوا جَميعًا نَحْوَهُ يَسأَلونَهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ وَماذا فَعَلْتَ؟ وَهَلْ أَحْضَرْتَ المعدَنَ الصُّلبَ؟ أَعلنَ الحَدّادُ: لَمْ أُحْضِرْ أَيَّ مَعدنٍ، أَحضَرْتُ فَقطْ سِرَّ أَقزامِ جَبلِ (بولوفا). أَبْعَدَ الحَدّادُ مُحِبّي الاستطلاعِ، بينَما سَمِعوا المَطارِقَ، وَدفعَ (فيلاندُ) أمامَهُمْ مِحراثًا مِنْ حَديدٍ جَديدٍ تَمامًا. أَمَرَ قائِلًًا: «اُربطُوا بِهِ أَربعةَ خيولٍ قَويَّةٍ». قالَ الفَلّّاحونَ، القَريَةُ كُلُّها كانَتْ هُناكَ، وَحاشِيَتُهُ وَوزراؤُهُ. شى. ! حا. ! ياحلوين! وأَرجو أَلّّا يوقِفَكُمْ شَيْءٌ!». رَسَمَ (فيلاندُ) في مُنتصَفِ المَكانِ خَطَّ مِحراثٍ كَبيرٍ وَعَميقٍ وَمُستقيمٍ. وَحَملوهُ على الأَكتافِ، ثُمَّ -عِندَما عادَ الصَّمْتُ- طَلبوا إليهِ أَنْ يَحكيَ لَهُمْ كيفَ استطاعَ أَنْ يَصِلَ إلى قَلْبِ الجَبلِ دونَ أنْ يُصابَ بالعَمى. هذا بَسيطٌ جِدًّا، قالَ بِتَواضُعٍ: طوالَ ثَمانيةِ أيّامٍ، تَعلَّمْتُ أَنْ أَمشيَ مُغْمضَ العَينينِ على هُدى الصَّوْتِ الّذي يُطلِقُهُ أَبي بالطَّرْقِ على السّندانِ، وَهُناكَ فَعَلْتُ الشَّيْءَ نَفْسَهُ لكي أجتازَ الضَّبابَ مُستَمِعًا إلى وَرشَةِ حِدادَةِ الأَقزامِ، وراقَبْتُ الأَقزامَ وَهُمْ يَعملونَ. وَأَنا أَعرفُ الآنَ كيفَ يقومونَ بِتَصنيعِ هذا المَعدَنِ الصُّلبِ إلى هذا الحَدِّ، وَلِكي أَجتازَ الضَّبابَ مِنْ جَديدٍ في طَريقِ العَودَةِ، سِرْتُ مَعصوبَ العَينينِ، وأَصغَيْتُ مِنْ جَديدٍ إلى مِطْرقَةِ أَبي». وأولِئكَ الّذينَ كانوا يَتوقَّعونَ مُغامَرةً يُشاهِدونَ فيها الحَدّادَ وهو يتقاتَلُ معَ الأَقزامِ خابَ ظَنُّهُمْ، ولَكِنَّ أولئكَ الأَكثرَ ذَكاءً قَدّروا ما كانَ يَنبغي أَنْ يفعلَهُ (فيلاندُ) الّذي نَجحَ في إِنقاذِ البِلادِ مِنَ المَجاعَةِ. أمّا المَلِكُ فَقدْ وَفى بِوَعدِهِ، وَلَمْ يَطلُبْ مُطلقًا إِلى الحَدّادِ أَنْ يضعَ اكتشافَهُ في خِدمَةِ الشَّرِّ، وَلَكِنْ واأَسفاهُ! فَقدْ جاءَ بَعدَهُما مُلوكٌ آخرونَ،