المبحث الثالث : العامل النحويأ- لغة : من الجذر الثلاثي )عمل(. والعمل المهنة والفعل 1واعتمل الرجل :عمل بنفسهو)عمل(من باب طرب واعمله غيره واستعمله أيضا طلب إليه العمل.والعوامل جمع عامل , والعامل لغة : ما يصدر عنه العمل.العامل في العربية ما عمل عملا فرفع أو نصب أو جر ,وكالأسماء التي من شأنها أن تعمل أيضا وكأسماء الفعل وقد عمل الشيء في الشيءوهو ما أ ثّر في آخر الكلمة من اسم أو فعل أو حرف , حد ]العامل[ الجالب للإع ا رب ]ما[-أي شيء- ]اثر[ رفعا , أو ج ا ر ]في آخر الكلمة[ المعربة من اسم وفعل , أوحرف والأصل فيه أن يكون من الفعل ثم من الح رف ثم من الاسم . ولا يؤثر العامل أثرين 5ثانيا- نشأة العامل النحوينشأت نظرية العامل لدى عبد الله أبي إسحاق الحضرمي )ت 227 ه( وحذا حذوه عيسى بنعمر الثقفي )ت 249 ه(. 6وكلمن يق أ ر كتاب سيبويه يرى أ ري العين أن الخليل هو الذي ثبت أصول نظرية العامل ومد3 . ص 90 ,5 . عبد الله بن أحمد الفاكهي ,شرح كتاب الحدود في النحو , )د ط( ,6 الطيب دخير ,العامل والأثر في الدرس النحوي بين القديم والحديث )دراسة وصفية تحليلية ( , 1019 , ص 61 - أحمد عزوز ,98قواعدها العامة ذاهبا إلى أنه لابد مع كل رفع لكلمة أو نصب أو خفض أو جزم من عامل 1مجمل الآ ا رء في أصل النظرية ومنشأها يمكن حصرها على تباينها مجموعتين :-مجموعة آ ا رء تذهب إلى أن الإعمال في النحو العربي عارية من مصادر أخرى فهي كهذاالنحو العربي . وهذا يستدعي طبعا إقصاءه , أما المجموعة الثانية فتكونها آ ا رء تقرر انبثاقالإعمال عن واقع الدرس اللغوي : فهي إما أثر للتجاوب الملحوظ بين عناصر التركيب 2 3اعتبر النحاة العامل شخصية لها اعتبا ا رتها الملزمة . ووضعوا هذه الاعتبا ا رت في قوانينهي )فلسفة العامل والعمل ( ومن ذلك اعتبارهم بعض العوامل أصلا كالأفعال وبعضها فرعا ومن ذلك أيضا أنّالاختصاص موجب للعمل وغير ذلك كثير مما يمكن الاطلاع على آ ا رء النحاة فيه فيما نقله 4 فهي لا تعدو أن تكونرصدا للعلاقات المعنوية واللفظية في التركيب وما ينجم عن هذه العلاقات من ظواهرصوتية على أواخر الكلمات المعربة .نشأت العربية , لأن معظمهم كانوا يعتقدون أنّ اللغة توقيفية من صنع الله فمنذ تكلم بها 1009 , ص 116 -1916 , مصطفى بن حمزة ,5 .99-2 العوامل المعنوية :أ- ما ذكره البصريون : اتفق جمهور البصريين على أنّ هناك عاملين معنويين هما :بينهم.-1 وقوع الفعل المضارع موقع الاسم : وهو الذي يرفع الفعل المضارع في مذهبهم . هما :للمعنى وتابعاً له ، إلاّ ما نجده في اللّغة أحيانا من سمات شكلية ومعناه أيضاً أن يكونيخرج الثاني من حكم الأول ، فيخالف في الحركة الإع ا ربية لتكون هذه المخالفة وسيلةلفظية ترمز للمعنى الم ا رد ، مثلا إذ قلت لا تأكل وتضحك أ ريت في هذا التركيب ما يدّلوعن الضحك في كل الحالات ، بل أردت أن تُخرج )تضحك( من حكم النهي الذي في وتصرف 2-1 التجرد أو التعري من الناصب : وهو العامل الذي يرفع الفعل المضارع عند الف ا رء وعندغيره من حذّاق الكوفيين .والجوازم , فإذا دخلت المضارع , 3 118 , 3وليد عاطف الأنصاري , نظرية العامل في النحو العربي )عرضا ونقدا ( , دار الكتاب الثقافي ,60- الفاعلية : وبه يرفع الفاعل في مذهب خلف الأحمر- المفعولية : وبه ينصب المفعول به عنده أيضا- الصفة : وهو العامل المعنوي الذي يعمل في الصفة عند أبي الحسن الأخفش.-1 العوامل اللفظية :سماعية وقياسية .فالسماعية ما سمعت عن العرب ولا يقاس عليها كحروف الجر والحروف المشبهة وغيرهامن العوامل اللفظية ثابتة للعمل . أما اللفظية القياسية فهي ما سُ مع عن العرب من ألفاظ 32 - العوامل اللفظية السمعية-2 حروف الجر:وتعمل لمشابهتها للأفعال في الاختصاص بالأسماء .دخول عامل النصب . 4والخشبة . 1محمد خير الحلواني ,2 . رياض بن حسن الخوّام , نظرية العامل في النحو العربي تقعيد وتطبيق , )د ط ( , علي مزهر الياسري , ص 16661/أن/لن/كي/إذن/.-6 جوازم المضارع : وهي خمسة أحرف :إنْ : الشرط والج ا زء . و)لما(:لنفي الماضي بعد نقله من المستقبل إلى الماضي ,وانتظار, و)لام الأمر ( نحو : ليفعل زيد ,-7 مايجزم الفعلين : 11 - العوامل اللفظية القياسية-2 الأفعال: وهي ترفع الفاعل في كلّ حال ؛أم ا ر . فإن قيل لمَ قدّم الفعل على المصدر مع انّه أصل في الاشتقاق ؟ قلنا : إنّالفعل أصل في العمل والكلامُ هنا في العمل ولذا استحق التقديم.-1 المصدر : وهو في العمل كالفعل فإن قيل لم عمل المصدر؟ قلنا : لأنّه في تقدير والمصدرُ 2-3 اسم الفاعل : ومسوّغ عمله هو مشابهة الفعل المضارع في الحركات والسكناتوعدد الحروف لذلك اشترط فيه النحاة الدلالة على الحال أو الاستقبال لتأكيد مشابهتهبالمضارع ن وع ذلك يجيزون عمله ذالا على الماضي إذا كان مقترنا ب "ال" التي 3 ص ) 10311661مضروبٌ غلامها الآن وغدا .-5 الصفة المشبهة : وعملت لأنها تشبه اسم الفاعل في التثنية والجمع ن والتذكير 1-6 اسم التفصيل :ويعمل عمل فعله الذي اشتق منه ومشابهة اسم التفضيل للفعل ضعيفةلذلك وقع الخلاف في عمله في ما من شأنه أن يحتاج إلى قوة العامل-7 الاسم المضاف : ويجر في المضاف إليه والإضافة نوعان : لفظية ومعنوية والأولى 2ا ربعا - العامل عند النحاة القدامى-2 أ ري الخليل في العامل)ت 275 ه(وهو الذي ثبت أصول نظرية العامل ومد فروعهاوأحكامها إحكاما بحيث أخذت تصورتها التي ثبتت على مر العصور فقد أرسى قوادحهاالعامَّ ة ذاهبا إلى أ نه لا بدّ مع كّل رفع لكلمة أو نصب أو خفض أو جزم من عامل يعمل في الأسماء والأفعال المعربة ومثلهما الأسماء المبنية 3والعامل عادة لفظي مثل المبتدأ وعمله في الخبر الرفع ,العمولات النصب . وقد يكون العامل معنويا على نحو ما نصّ عليه تلميذه سيبويه في بابينصبه . ومنها ما ينصب بعده ويرفعه كالفعل وهو إنّ و أن .حيث قال عنه تلميذه سيبويه : "وزعم الخليل أنّ هذه الحروف عملت عملين : الرفع والنصبكما عملت كان الرفع والنصب حين قلتَ : )كان أخاك زيدا ( إلا لأنه ليس لك أن تقولكأن أخوك عبد الله ( تريد كأن عبد الله أخوك لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ولا يُضمَر66 فلم يجروها 1-1 العامل في عُرف سيبويهومن آ ا رءه أنّه نصّ ص ا رحة بالعامل في قوله 2} وانّما ذكرت لك ثمانية مجار لأفرق بين مابداخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل وبين ما يُبنى عليه الحرف بناءاً لاالحرف , وذلك الحرف حرف الإع ا رب. 3 فكأ نه قال لا أفرّق بين المرفوع والمنصوبوالمخفوض والمجزوم .بناءاً لا يزول ، يعنى صيغت عليه الكلمة صياغة لا يزيلها شيء من العوامل المختلفة ، 4وقد بنى سيبويه أبواب كتابه على نظرية العامل التي أساس النّحو وللتعرّف أكثر على فكرسيبويه وعقليته الفذّة فذكر بعض أبواب كتابه التي كان فيها العامل أساس وهي :" وهذا باب الابتداء " ا رفع المبتدأ والخبر ، حيث يقول سيبويه " فأما الذي يبنى عليه شيءهو هو "يقصد الابتداء " فإنّ المبني عليه " يقصد الخبر " يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء2منية بيوض ومهنية ناصر ,1011 , ص - العربية , )مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر( , عبد العزيز جدي ,3 . الكتاب , ص 11الكتاب ,69ويقول في باب " وجه دخول الرفع في هذه الأفعال المضارعة للأسماء") ا رفع الفعلالمضارع( حيث ذهب سيبويه إلى أنّ العامل فيه هو وقوعه موقع الاسم لأن المضارعأعرب لمشابهته اسم الفاعل في لفظه ومعناه . ويقول واصفاً الأفعال المضارعة وكينونتها فأما ما كان في موضع المبتدأفقولك : زيدٌ ذاك , وأمّا ما كان في موضع المبني على المبتدأ فقولك : زيد يقول ذلك 1 2عليه , 3-3 أ ري قطرب في العامل )ت 156 ه(: من القدامى الذين نقدوا نظرية العامل محمّد بنالمستنير المعروف بقطرب )ت 156 ه ( الذي لا يرى للعامل قيمة في الأثر الإع ا ربيالحركات الإع ا ربية ( إذ يقول 4: " وانما أعربت العرب ككلامها لأن الاسم في حال الوقفيلزمه السكون للوقف فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا لكان يلزمه الإسكان في الوقفللإسكان ليعتدل الكلام ، ألا ت ا رهم بنوا كلامهم على متحرّك وساكن ومتحرّكين ولم يجمعوابين ساكنين في حشو الكلمة ولا في حشو بيت , ولا بين أربعة أحرف متحركة لأنهم في 5فحسب ، مختار بزاوية ,66 1فهو بهذا يحاول أن يردّ كل ما يتعلّق بالحركات الإع ا ربية إلى التوسيع على المتكلم في نطقه 2-4 العامل عند الف ا رء ) 157 ه(إنّ أوّل النّحاة الذين وصفوا بالثورة على العامل هو أبو زكريا يحي بن زياد الف ا رء )ت157 ه ( وقد ذهب الدكتور أحمد مكي الأنصاري إلى أنّ الف اّ رء كان مناهضا لنظرية العاملوقد استبان له من النظر في مؤلفاته إهماله لأصول الإعمال وقواعده وقد كان يرى أنّ 3ويقول الأنصاري ومردّ الفضل في هذا إلى شيخ المجد دين أبي زكريا يحي بن زياد الف اّ رءولما كان إلغاء نظرية العامل يلح على الف اّ رء إلحاحا شديداً أ ريناه يلغي الأفعال النّواسخ 4وصرح عن ابن مضاء بقوله " وبعد فلستُ أشك في أنّ ابن مضاء قد انتفع بآ ا رء الف اّ رء أكبرانتفاع و يخ يل إليَّ أننّي لو تتبعت بقية آ ا رء ابن مضاء في كتابه لرددت معظمها إلى منوحجة الأنصاري في هذا أن د.شوقي ضيف محقق كتاب الرد على النحاة قد نبه إلى أن ابن ص 130 3مصطفى بن حمزة ,4 أحمد مكي الأنصاري , أبو زكريا الفرّاء) ومذهبه في النحو واللغة ( , ط ( ,المائدة/ 45 . 1لكن ابن مضاء يذهب إلى أن الفعل المرتبط بالفاء )فاقطعوا( هو الخبر وهذا لا يعادل زيدفمنطلق الذي لا يصح أن تكون منطلق فيه أخي ا ر لأن كلمة السارق والسارقة مع كونهما 2-5 العامل عند المبرد)ت 165 ه(كان المبرد ممن يقولون بالعامل ويعترضون بتأثير الكلمات والحروف بعضها في بعض فمن"إلا" . كما ذهب المبرد في أحد آ ا رئه إلى أنَّ *إلّا * هي عاملة النصب فيه وذهب في أ ريه 3فتأويله "ركضا".يركض ا ركضا .أمّ ا المبرد فكان يعربه مفعولا مطلق دالا على نوع الفعل أي دون الحاجة إلى 4وكذلك قد وضّح المبرد هذه النظرية وبين آثارها التي امتدت إلى كل أبواب النحو فقال فينص جامع مفيد يفهم منه النحو كله :"ضرب عبد الله زيدا ,فإن شئت قلت ضرب عبد اللهإلا أنك تعلم أنّ الضرب قد ص 9613 وردة عسلون وهشام جندل ,العلة والعامل عند ابن مضاء )دراسة تحليلية مقارنة (, 1019 ,يوسف لعساكر ,61 لم يتعدّى فاعله , 1فهو قد لجأ إلى الحركات للدلالة على ذلك . وأضافالمبرد موضحا كيف امتد أثر العامل إلى الفضلات فقال : "فإن قلت : ضرب عبد الله زيداأعلمتني من ذلك المفعول " وقد علمت أن ذلك الضرب لابد من أن يكون وقع في مكانوزمان فإن قلت أوضحت المكان, 2-6 العامل عند ابن جني )ت 391 ه(الإع ا ربي للمتكلم نفسه , حيث يقول:" وانما قال النحويون: عامل لفظي , كمررتُ بزيد , وليت عم ا ر قائم , وبعضه يأتي عاريا من مصاحبته لفظ يتعلقبه كرفع المبتدأ بالابتداء ,القول.نفسه , لا لشيء غيره وانما قالوا : لفظي ومعنوي لما ظهرت أثار فعل المتكلم بمضامّة اللفظ 4إنّ مقالة ابن جني لا يمكن أن تفهم مبثورة معزولة عن النص بأكمله فالنص لم يخصصهوالأقوى والأغلب ,1 . مختار بزاوية ,المعنوي , فسجّل إنّ تلك 1-7 موقف الجرجاني من العامل)ت 472 ه(وقد أ لّف كتاب" العوامل المائة "أوضح فيه مفهوم العوامل التي هي عبارة عن عمل الوحدات مما 2ثمان وتسعون منها لفظية وعاملان اثنان معنويان ,وجعل اللفظية قسمان : سماعية وقياسية ,السماعية ثلاثة عشر نوعا .فيها , 3ونجد الجرجاني يبين ويوضح عمل الوحدات اللغوية بعضها في بعض أي أنّ كل وحدةمن الوحدات تكمل الأخرى وهذا نتيجة لفهم اللغة وكيفية البناء والتركيب وأن الإع ا رب هونتيجة عمل العامل في المعمول , 4ومن خلال ما سبق يتضح أن الجرجاني قد اهتم بد ا رسة العامل النحوي من كل الجوانب ولميترك ثغ ا رت لم يتطرق إليها كنظرية متعاملة ينظر إليها ككل ,1 . مصطفى بن حمزة ,66169-5 موقف الإمام السهيلي )ت 552 ه( من العامليقسم السهيلي أنواع الكلم من حيث العمل إلى قسمين : مثل الفعل والحرف , فالفعل يجب أن يعمل في الاسم الذي يؤثرفي معناه وأما الحرف هو لا يدل إلا على معنى في غيره , فوجب أن يعمل في اللفظ الدالعلى المعنى الذي أثرّ فيه .- قسم الأصل فيه ألا يعمل لأنه يدل على معنى في نفسه ,الفاعل .فالفعل يعمل مباشرة في المفعول المطلق , ولا يكون المصدر في نظره مفعولا مطلقا إلا إذاكان منعوتا أو في حكم المنعوت , أما المصدر المؤكد فإنّ الفعل غير عامل فيه لأن التوكيدلا يعمل فيه مؤكد فالشيء لا يعمل في نفسه , وأما المفعول المطلق فهو ما كان محدودا 1والحرف يعمل في كل ما هو مؤثر فيه معنى , عمل بعضها فيبعض وسبق إليها معنى الابتداء أو النحو , وكان الحرف دخيلا في معنى الجملة لا لمعنىهذه القاعدة إنّ وأخواتها , 2 وأن لا يكون مهيئالدخول عامل عليها وشذّ المضارع لشبهه بالاسم , وأنّ العامل لا يعمل في نفسه فالصفة لا