وله أن يتصدَّقَ به على نفسه وعِيَاله إذا كان فقيرًا؛ لأنَّ عِيَالَه إذا كانوا فقراءَ فالوصْفُ موجودٌ فيهم، ونقَلَه الغزالي أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلَف، عن أحمد بن حنبل، والله - سبحانه وتعالى - أعلم". قال الغزالي: "إذا وقَعَ في يده مالٌ حرامٌ من يدِ السلطان، قال قوم: يردُّه إلى السلطان، واختار الحارث المحاسبي هذا، وقال آخرون: يتصدَّق به إذا عَلِم أنَّ السلطان لا يردُّه إلى المالك؛ لأن ردَّه إلى السلطان تكثيرٌ للظلم"، قال الغزالي: "والمختار أنَّه إنْ عَلِم أنه لا يردُّه على مالِكه، قلتُ - القائل الإمام النووي -: المختارُ أنَّه إنْ عَلِم أنَّ السلطان يَصْرِفَه في مَصْرف باطلٍ، لَزِمَه هو أنْ يَصرِفه في مصالح المسلمين، فإنْ عَجَز عن ذلك أو شقَّ عليه - لخوفٍ أو غيره - تصدَّق به على الأحوج، لأنَّ السلطان أعْرَفُ بالمصالح العامَّة وأقْدَرُ عليها، فإنْ خافَ مِن الصَّرْف إليه ضررًا، صَرَفه هو في المصارف التي ذَكَرناها، الخاتمة: والتعامل بالربا، فالله - عزَّ وجلَّ - حَذَّرنا من هَدْره وصَرْفه في غير حِلِّه؛ وإضاعة المال)). ويَبْخل بإخراجه؛ ففي التنْزِيل الحكيم: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]. لأنَّ الإنسان مركَّبٌ فيه صِفَتا الظُّلْم والجهل، فيَظلم نفسَه ويَجهل حقَّ غيرِه عليه؛ ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ﴾ [الأحزاب: 72]. والإنسان مسؤول أمامَ الله - عزَّ وجلَّ - عن هذا المال: من أين اكْتَسَبه؟ وفيمَ أنْفَقَه؟ بهذا جاءَتِ الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. لماذا إذًا شدَّد الشرْعُ في حُرمة الأخْذ من المال العام (الغُلُول)؟ لأمور، منها: 1- لأنَّ المالَ العام تتعلَّق به ذِمَمُ جميع أفراد الأمة، لأنَّه يُخَرِّب في مال نفسه؛ نسألُ الله أن يُجَنِّبنا المكاسبَ المحرَّمة،