إن الدليل الحاسم الذي يستعمله الرأي العام في إنكاره لحرية الإنسان يتمثل في تذكيرنا بعجزنا. فتبعا لهذا الرأي يبدو أننا غير قادرين على تغيير وضعنا حسب مشيئتنا بَلْهَ تغيير أنفسنا. فلا يبدو أنني قادر على قهر أبسط شهواتي وعاداتي. بل إنه ليبدو من الضروري "أن يطيع الإنسان الطبيعة ليتحكم فيها"، أي أن يدرج فعله في إطار الحتمية. إن مثل هذه الحجج لم تحرج أبدا أنصار الحرية إحراجا حقيقيا، ذلك أن في الانبثاق العفوي للحرية ومن خلاله فقط يطور العالم ويكشف عن المقاومات التي يمكن أن تجعل الغاية المأمولة غير قابلة للتحقق.