كانت المدرسة المغـــربـية غــــداة الاستقلال تبرر مشروعـيتها بـضـرورة تكوين شخصية متشبثة بهويتها الإسلامية والوطنية. وقد وجدت هذه المشروعية سندا قويا داخل التطلعات السياسية والثقافية للمغاربة آنذاك، مما جعلهم يحتضنون مشروعها ويقتنعون به سياسيا واجتماعيا. كما سعت المدرسة المغربية إلى إثبات مشروعيتها الاجتماعية والثقافية في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي بضرورة إعداد متعلمين يغـــذون الإدارة والوظائف العمومية، سعيا إلى مغربة الأطر ذات الكفاءة العالية في مجال التسيير والتعليم والتكوين والاقتصاد. أما حاليا، وفاعلين اقتصاديين وسياسيين، فالجميع أصبح يسائل المدرسة، ويعتبرها مسؤولة بشكل أو بآخر عن أزمة الشغل والأطر والتكوين وغير ذلك . لكــن هــذا الوعي الشقي تجاه المدرسة يرجع حاليا إلى عدم الانتباه إلى تحولات الحقل الاجتماعي والسياسي المغربي، ووضع العقلانية والحداثة مبدأين لهذا التحول والتغيير، كما حمل المدرسة مسؤولية الإسهام في هذا التغيير منذ ظهور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إلى جانب تكوين الكفايات التقنية في المجال التواصلي والعلمي والاقتصادي. ويظهر أن المدرسة لم تعـد تسهم في تكوين الكفايات التقنية فحسب، بل هي أيضا تسهم في التربية على المواطنة والتكوين الأخلاقي. فنحن إذ ننتظر اليوم بأن تسهم المدرسة في تكوين كفاأت في مجال العلوم والتقنيات، فلا ينبغي أن ننسى أن تحولات المغرب الراهنة تلزم المدرسة بتكوين كفايات سوسيوسياسية ومدنية أيضا. ويبدو أن التحولات التي من المفروض أن تعرفها مدرستنا حاليا في مجال التدريس والتعلم والعلاقة بالمعرفة، إضافة إلى تغيير مفاهيم الحكامة والتدبير المدرسي ستسهم في تعزيز قدرة المدرسة على إثبات شرعيتها الاجتماعية، لكن قبل ذلك يجب على الخطاب المدرسي أن يكشف عن ذاته بشكل أكثر عقلانية وحداثة،