بدأت أشعر بالذعر عندما لاحظت ان الباعة يقولون لي «يا حاج». والمراهقون يقولون لي «يا عمو». ثم ازداد الأمر سوءًا عندما صار الأولاد المهذبون يقفون لي في وسائل الموصلات كي أجلس مكانهم. أمس الأول رأيت سيدة مسنة تحمل حقيبة ثقيلة وتمشي في الطريق، فهرعت في شهامة لحمل حقيبتها عنها، ثم فطنت إلى أنني في الخمسين وقلبي مريض. شهامتي هذه ستبدو أقرب للسخف أو تجلب علي السخرية. من المستحيل أن أجد أي شخص أكبر سنًا مني. أجلس في مجلس كبير فأكتشف ان كل الجالسين بين ثلاثين وأربعين عامًا. الحلاق الأشيب المسن الذي أحلق عنده سألني عن علاج النسيان، فقلت له إنه لابد أن يتوقع تصلب شرايين المخ في سنه هذه. قال في اتعاظ وأسى: ـ«بالفعل. بعد 45 عامًا يجب ان يقبل الإنسان تداعي حواسه!» ـ «نعم. وأنت يا حاج ؟» ابتلعت لساني. وفضلت الصمت. كم هو شخصية رائعة ذكية. إنه الصديق الأمثال. هؤلاء الذين في الستين. أين هم ؟. لماذا صاروا نادرين؟ أما أشنع اللحظات فهي حين ترى فتاة حسناء تروق لك، فتتودد لها ليكون أول لقب تناديك به هو «يا عمو». هذه أقرب لصفعة على وجهي بلا شك. ليس هذا أسوأ من صديقي طبيب الأطفال الذي قابل في إحدى الحفلات فتاة بارعة الجمال. كان مطلقًا يبحث عن عروس جديدة، وبدت له هذه الفتاة مناسبة جدًا. وجد أنها تحدثه في حرارة وحب حقيقيين، وأعطاه هذا انطباعًا بأن الطريق ممهد لقلبها. قال لها: