ما هي المجالات المرشحة ؟ مجال الدولة الإسلامية: أما الدولة الإسلامية فمن حيث الأصل فهي ناشئة عن ضرورة عقلية وممارسة شرعية، وجماهير العلماء على وجوب قيام دولة، وهذا أصل لم يخالف فيه إلا قلة كابن كيسان الأصم وبعض المعتزلة وفي العصر الحديثة علي عبد الرزاق وبعض المعاصرين. للقيام بالقسط لا بد من جهة حاكمة وسلطة نافذة، وضرورة سلطان يتولى القيام على مهمات ووظائف لا يمكن للأفراد أن يتعاطوها أمر معلوم من الدين بالضرورة، واستيفاء الحقوق من الممتنعين وإيفاؤها على المستحقين. وفصل بين إمامة الاختيار والسعة وإمامة الضرورة والغلبة في كتابه الغيائي»، إلا أن إمام الحرمين يرى أن معظم ما يتعلق بالإمامة يقبل الاجتهاد لأنها عرية من مسالك القطع حلية عن مدارك اليقين. وهذه الجملة تعتبر المفتاح الذهبي لباب الاجتهاد بتحقيق المناط في الأحكام السلطانية أو الفقه السياسي. فما هو مفهوم الدولة الدينية أو الإسلامية ؟ إن تفكيك العنوان ضروري لإدراك المعنى المركب ومدى مدلوله. فالمفهوم العربي يلاحظ معنى النوبة ومعنى التداول الذي يشير إلى النصر أو الهزيمة. ولهذا فأكثر ما تذكر مضافة إلى معنى غيرها، كدولة بني العباس وفي معنى التداول قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ، قال الشاعر فروة بن مسيك المرادي كَذَاكَ الدَّهْرُ دَوْلَتُهُ سِجَالٌ قوة، مملكة . ويمكن أن تعرف بأنها السلطة السيادية السياسية التي تتمتع بالشخصية القانونية وتخضع لها مجموعة بشرية. ولاعتبارات عملية يعتبر التعريف الثاني كافياً؛ لأن الإشكالات السياسية والفلسفية والقانونية مردها إلى السلطة أصلها وشكلها، ومن أين نالت مشروعيتها وما هي أرومتها وهل تورث أو تنتخب ؟ ومن أي صورة تركب ؟ ثم كيف تتصرف وتدبر وتؤلف ؟ فما معنى كون الشيء إسلاميا؟ وما هي حمولة هذه النسبة الدلالية ؟ وما هو الفرق بين الدعوى والحقيقة وبين الاسم والمسمى؟ ذلك ما سنراه. ويمكن اعتبارها بوجود إقامة الشعائر الدينية ولو من قلة، وهي إضافة لا مبرر لها، ولكن العبرة بالقوانين والنظم وبخاصة بالدستور، الذي يعتبر وثيقة التعريف. 1 - أنَّ الإسلام والكفر وصفان للأشخاص الطبيعيين وليس للشخصية الاعتبارية؛ وتمارسه سلطة مفوضة من الإله، معصومة، هذا هو مفهوم الثيوقراسية. هذا أصل المفهوم الغربي، المستوى الثاني: نظام يقوم على نصوص دينية يمارس السلطة فيه علماء دين لكنهم لا يتمتعون بتفويض إلهي، فهم لا يمارسون أعمالهم باسم الإله ولا نيابة عنه، نافياً أن ينسب رأيه للباري جل وعلا. المستوى الثالث: أن يكون التشريع مستمداً من روح الشريعة ونصوصها، ولكن الذين يمارسون السلطة فيه ليسوا علماء دين، ولا رجال دين، بل مدنيون ملوك أو رؤساء، مع اختلاف في مرجعية الوصول إلى الحكم. خلاصة القول: إنَّ الدولة في الإسلام هي آلة من آليات العدل وإقامة الدين، وليست دولة ثيوقراسية بل مدنية بمعنى من المعاني، لكنها بالتأكيد ليست دولة علمانية، إنها دولة يكون للدين فيها مكانه ومكانته في مزاوجة مع المصالح واتساع من التأويل، لا يقوم عليها رجال دين، وبتفسير هذين المفهومين نجد أنهما أحيانا يلتقيان في نتائجهما كثيراً مع ما وصلت إليه الأنظمة «الحديثة» مع التحفظ على بعض الممارسات التي تتم باسم الدين أو باسم الديمقراطية. قد تمارس بطريقة غير ديمقراطية حتى ولو احترمت الشكل فإنَّ المضمون قد يكون مختلاً، فإنَّ أدولف هتلر» وصل إلى الحكم بطرق ديمقراطية، والنتائج معروفة. إن ديمقراطية نصف المصوتين زائد واحد قد لا تكفي بل تحتاج إلى مقاربة أخرى لضمان السلم والوئام والاستقرار، وإن كان يوجد نظرياً من يلزم الحاكم بأن يكون مجتهداً، ولكن سرعان ما وقع فصل تام بين الاثنين منذ الدولة الأموية بعد الخلافة الراشدة، فانفصلت طبقة الفقهاء عن طبقة الحكام؛ إلا أن الفقهاء ظلوا يمارسون السلطة القضائية وسلطة الإفتاء والتعليم. لأنه يبقى علينا بعد ذلك أن نعلم على وجه الدقة ما هي الأشياء التي لقيصر». وهيغل يعالج مشكلة عانى منها الغرب المسيحي وهي العلاقة بين الديني والدولة، أو بين المطلق والنسبي. باعتبار أن الدين ينتمي إلى فضاء المطلق والسياسة وهي هنا الديمقراطية - تنتمي إلى فضاء النسبي. إن التاريخ الأوروبي - الذي شهد الكوارث الطبيعية بالدفع إلى القطيعة والحلول الحادة والرؤية الأحادية، وتقيم الموازنة السعيدة بين مستلزمات المعاصرة ومنتجاتها الفكرية والمادية، وبين القيم الروحية وميراث النبوات والأخلاق الفاضلة للتوفيق البارع بين المتناقضات التي تتجاذب حياتنا. يجب الاعتراف بأن الدولة الحديثة تختلف في نظامها السياسي وعلاقات الفرد مع السلطة والعلاقات بين السلط، وهذا يعني أن واقعاً حديثاً له متطلباته واضطراراته يقتضي فقها جديداً يقولب مفاهيمه ويجيب على استفهاماته . إن أولئك الذين اعتبروا إيجاد الدولة أمراً يرجع إلى المجتمع، قال: كلمة حق أريد بها باطل». ولكنهم يقولون: لا إمارة، ولا بُدَّ للنَّاس من إمارة يعمل فيها المؤمن، و اعتماد الخلفاء على المصالح في تعاملهم مع الشأن العام بما يخالف ظاهر النصوص، وهي معادلة تسمح بالتعامل مع الواقع المتجدد المتمثل في ضرورات الحياة وحاجياتها وإكراهاتها، دون اغتراب عن بيئة الشريعة ولا خروج عن مظلتها، انطلاقا من مبدأين أو کليين؛ هما كلي العدل المنصوص عليه في أكثر من نص. وكلي السلم الاجتماعي المقرر في عشرات النصوص. وإلى أن المكانة المتاحة للعقل البشري في رعاية مصالح الناس من صميم الشريعة ومن هنا يكون ملتقى بحري الإسلامية والحداثة، لأن أي دولة في العالم الإسلامي تضرب صفحاً عن موروثها الإسلامي وعن مقتضيات العصر الحديث لا يمكن أن تكون مستدامة ولا مستمرة. وذلك هو التحدي الذي تجب مواجهته لاقتراح الحلول الإبداعية في السياق التاريخي والمساق الاجتماعي والنفسي، واستغلال مشتركات العدل والتنمية الاقتصادية والسلام الاجتماعي في أقصى الحدود، وهي متطلبات إسلامية وحداثية؛ لجعلها في أعلى السلم مع سعة في التأويل ووضوح في الرؤية يبعد شبح الحروب العبثية، ويستعمل وسائل الدعوة والتربية الشفافة، لقد كانت الدولة في الماضي والحاضر - ويجب أن تكون كذلك في المستقبل - هي التي تمتلك وتحتكر الحق في استخدام القهر والقوة وإلا كانت الفوضى. ومما يجعل هذا الاحتكار مشروعاً وشرعيا العدالة في استعمال هذا الحق والشفافية في ممارسته ووضوح القواعد والمبادئ والأنظمة التي تحكم استعمال القوة، وحياد السلطة القضائية واستقلالها النفسي والمادي. والوصول إلى قدر معتبر من الرضا العام عن النظام، مع صعوبة تحقيق مبدأ الرضا العام في ظل ارتفاع سقف مطلبية يجعل الفرد حريصاً على التدقيق في كيفية استعمال هذا الحق، ومن هنا تُعرَّفُ المواطنة بأنها حقوق وواجبات متبادلة. إن فقهنا يملك أسسا متينة وقيماً أصيلة، وذلك ما نسعى إليه من خلال طرح أسئلة في المفاهيم التالية: السلط والعلاقة بينها، مكانة الدين، هل ولي الأمر هو كل من ولي أمراً من أمور الناس، كما يفهم من اللغة، وكما يشير إليه الحديث: «من ولي من أمر المسلمين؟ هل ولي الأمر هو الحاكم خاصة، هل يتعدد السلطان؟ وهل يكون غير قرشي ؟ وكذلك التعدد واقعاً، وقد نص الفقهاء عليه على استحياء عند تنائي الأقطار . وألح إمام الحرمين على الكفاية، ولا اعتداد بمكانه أصلاً. ثم قال: وكأن المقصود الأوضح الكفاية، هل الطاعة هي امتثال الشرع إذا أمر به الحاكم (امتثال القانون) أم الطاعة هي لشخص الحاكم ؟ هل الطاعة توجب أمره في الجائزات باعتباره مصلحة، وتحرم مخالفته؟ ما هي حقيقتها واستحقاقاتها ؟ أم هناك طاعة أخرى من أجل سد ذريعة الفتنة والاحتراب لتقدير الإسلام لدماء الناس؟ أم أنها طاعة سلبية: طاعة انكفاف وليست طاعة امتثال؟ أم أن الأمر يرجع إلى الوضع الزماني؛ على حد عبارة خليل المالكي. والذي يظهر لي - والعلم عند العليم الحكيم - بعد مراجعة الأحاديث الآمرة بالطاعة الناهية عن نزع اليد منها، وتلك المقيدة بالمعروف الناهية عن الطاعة في المنكر - أن الطاعة لها معنيان يدل عليهما السياق: المعنى الأول، الطاعة التي تعني عدم الخروج على الحاكم، والمعنى الثاني: الطاعة الشخصية للقيام بعمل؛ وهذه تجب إذا كان مشروعاً ولا تجوز إذا كان غير جائز، وأصلها للشافعي كما يقول السيوطي في «الأشباه». وقد ذكرها العز بن عبد السلام وتلميذه القرافي وابن نجيم وغيرهم. فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، لأنَّ المختلف فيه بإمضاء الإمام يصير متفقا عليه، كما يقول السرخسي في شرح السير الكبير». فعليهم أن يُطيعوه، لأن فرضيَّةَ الطَّاعة ثابتة بنص مقطوع به. فأمر الحاكم نظرا لمبدأ طاعة الامتثال يُصير الجائزات واجبة، كما يقول ابن عابدين في باب الاستسقاء». كل هذا في طاعة الامتثال. أما طاعة الاحتمال والتي تعني أن تصبر عليه وتتحمل أذاه على غمط حقك والجور والظلم، فإنها كما يظهر من النصوص السالفة ليست مقيدة بالمعروف بل هي أساساً في عدم الخروج على الحاكم ولو جار وظلم. وهي موقف سلبي يكتفي فيه بالإنكار بالقلب، وذكر أبو داود أن الكراهية بالقلب والإنكار به من تفسير قتادة. فهو تعبير باللازم وإرادة الملزوم. وهذا الموقف من طاعة الاحتمال هو الذي عليه جمهور علماء أهل السنة، قال الحافظ ابن حجر في «الفتح»: «قال ابن بطال في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار، لأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح». وفي الثاني - أي الامتثال في حقيقتها وذلك جمعاً بين الأحاديث، والجمع كما هو معروف واجب، تلك الوثيقة هي الميثاق الذي لا يسمح بمخالفته ومعارضته. صلاحيات الحاكم بين التجميع والتوزيع. دور الأمة فيما سبق، ومن هي الأمة: أهل الحل والعقد؛ شرط العدالة أو الاكتفاء بالشعبية؟ فقد أصبح لهذه المجالس جزء من صلاحيات السلطان أو السيادة كما سماها جان جاك روسو في مقابل الحكومة التنفيذية. وهل ينطبق على المجالس في بلاد البيعة وصف وزارة التفويض عند الماوردي. الذي يمليه الواقع والتوقع ؟ إن تحديد المفهوم يُراد منه إيجاد كلي تُرَّدُ إليه الجزئيات، تشترك في تحديده وضبط عناصره: النصوص الحاكمة - السوابق الفقهية المبثوثة في الكتب السلطانية والواقع الذي تمثله المصالح والمفاسد، وتطور الأمة والبيئة العالمية، فعلى ضوئها جميعاً يصاغ المفهوم. ولهذا فإن مفهوم الطاعة في البلاد التي تقوم على عقد حديث مختلف عن عقود البيعة في الزمان الماضي يمكن أن تراجع على ضوء المصالح والمفاسد مع امتثال مقتضيات النظام العام وعدم الإضرار بمصالح الأمة وتعطيل منافعهم ومعايشهم وأخذ البيئة الاجتماعية بعين الاعتبار، لأن الشريعة حريصة كل الحرص على صون الدماء ومراعية كل المراعاة لدرء مفاسد الحروب والشحناء، وربما يكون علي أن اعتذر لمن يتهم هذا الخطاب بالتثبيط والتحبيط بأن ذلك ليس من مناط نياتنا ولا مستبطن طَوِيَّاتِنا ولكننا أردنا أن ننبه على مشكلة الاستهانة بالدماء واستمراء الاحتراب من الخاصة والدهماء والمطلوب فقط مراجعة هذا الموضوع بعد أن بلغ السيل الزبى وأتى الوادي بطمه على القرى. مجال العلاقات الدولية والتعاون والاستعانة بالمخالف دينا في الحروب العالمية أو المحلية بناء على مسألة الدار الخاصة بأصحاب الديانة في الموروث الفقهي - كيف يكون تحقيق المناط - مقاربة الدار المركبة أو ذات الوجهين عند الشيخ تقي الدين ابن تيمية. لقد قدمنا أن أهم ظاهرة هي تدويل الإنتاج وعولمة المبادلات لأن ذلك سينعكس على مجمل المعاملات لأنه خلق ضرورات كليةً يصعب تجنبها، والأغرار والجهالات في الثمن والمثمن. إنما نذكره هنا ليس حصراً، وإشارة إلى موجهات فقهية للبحث دون استيعاب ولا استيفاء للنظر . والمسألة في التضخم، الذي قد يصل إلى تضخم جامح، انخفاض أسعار العملة، ارتفاع ثمن السلع الأساسية. على الرغم من تحقيق أبي يوسف في القرن الثاني له. هذه العلاقة يجب أن توصف، بناء على أنَّ الغَيْبَةَ على المثلي تعتبر اقتراضاً، كما يقول الناصر اللقاني وغيره، وهل الثاني مقترض، ليتحول إلى مقرض للثالث، لأنه إذا تعود صاحب المال أخذ الربا، فإذا فشا في الناس أفضى إلى انقطاع منافع الخلق؛ إن علة ربوية النقود علة مستفادة من مسلك السبر والتقسيم، وبالتالي فهي ظنية، وقد يتمسك نافي الثمنية بأن الذهب والفضة لم تعد أثماناً، والجواب : أنَّ ذلك ليس ممكنا؛ لأن العلة المستنبطة لا يمكن أن تكر على أصلها بالإبطال: وقَدْ تُخصص وقد تُعمِّم لأصلها لكنها لا تَحْرِمُ والسؤال الثاني : هل يمثل ذلك قادحاً في أصل العلة، فلا اطراد ولا انعكاس، وهما أساس اختبار العلة، على التلازم الذي معناه: أن يُوجد الحكم لدى وجود وصف ويفقد لدى الفقود مما يؤدي إلى قادح النقض. والشيء لا يباع في مثله بزيادة نسيئة باعتبار يصبح بمنزلة القرض. الفضل وليس ربا النسيئة وربا الديون. الغرر في العقود الكثير من العقود تتم في غيبة المعقود عليه، إن الثلاثي المؤثر في صحة العقود: الربا، أكل أموال الناس بالباطل - حسب ابن العربي والقاضي عبد الوهاب. ويُجيز البيع قبل القبض في غير الطعام، وإنما اختلفوا في مقدار الغرر المنهي عنه أي في وزن الكم» فالاختلاف هو اختلاف في تحقيق مناطه، الضمان بجعل حقيقة الضمان أنه إذا كان ناشئاً عن تبرع يقوم به طرف ثالث عن مدين لدائن أن لا يكون مأجورا، كما يقول ابن القطان وغيره، ورجع إليه متأخروا الأحناف، ومن المعنى الذي اعتمده الحنفية للرجوع إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن يمكن القول بجواز أجرة الضمان حتى لا ينقطع الضمان. المازري: لأنه غرر قد يؤدي إلى سلف جر نفعا، مع أن هذا النوع يجوز للحاجة، هل للصك قيمة ذاتية أم أنه يمثل وثيقة بحق؟ فالذي يتعامل به إنما يبيع المال الذي تضمنه الصك، ولا يبيع الصك. والقيمة الحقيقية. ومسألة الربا في الصكوك الممثلة للنقود والديون. التي ليست عيناً ولا متعلقة بعين . وفي المفاهيم تراجع مسألة الأغرار، في المجال الاجتماعي: الأسرة: الزوج والمرأة والطفل. لتبني المذهب المالكي الذي يختلف عن المذاهب الثلاثة في التخفيف من مضمون الكفاءة؛ وللمرأة أو وليها التجاوز عنها. الصداق والبيئة، الشورة عند المالكية،