اتجاه العالم بأسره إلى الجاهلية : لأسباب تاريخية عقلية ، وفي الحياة الاجتماعية إلا بالوطنية المعتدية والجنسية الغاشمة استيلاء الفلسفة الأوربية على العالم : ليس على وجه الأرض اليوم أمة أو جماعة تخالف الأمم الغربية في عقائدها ونظرياتها . وكلما سنحت لهذه الأمم فرصة الاستقلال تجلت أخلاقها ومبادئها وظهرت سيرتها الجاهلية في صورتها الطبيعية الحقيقية . وقد أشربت في قلوبها حب المال والمادة . الحل الوحيد للأزمة العالمية : والحل الوحيد هو تحول القيادة العالمية وانتقال دفة الحياة من اليد الأثيمة الخرقاء التي أساءت استعمالها إلى يد أخرى بريئة حاذقة . العالم الإسلامي على أثر أوربا : من الغريب أن المسلمين قد أصبحوا حلفاء للجاهلية الأوربية وجنوداً متطوعين لها . فترى المادية الغربية في البلاد الإسلامية في كثير من مظاهرها وآثارها . المسلمون على علاتهم موئل الإنسانية وأمة المستقبل : التي تعد خصيم الأمم الغربية وغريمتها ومنافستها في قيادة الأمم ، وإلى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ، هذه هي الأمة التي يكن أن تعود في حين من الأحيان خطراً على النظام الجاهلي الذي بسطته أوروبا في الشرق والغرب وأن تحبط مساعيها وهي رسالة قوية واضحة مشرقة ، فقد افتضحت الجاهلية وبدت سوآتها للناس واشتد تذمر الناس منها . إنما يؤدي رسالته بالروح والقوة المعنوية التي تزداد أوربا كل يوم إفلاساً فيها . ونشر الدعوة إلى الله ورسوله الاستعداد الصناعي والحربي : ولكن مهمة العالم الإسلامي لا تنتهي هنا ، وأن يستغني عن الغرب في كل مرفق من مرافق الحياة ، أما ما دام العالم الإسلامي خاضعاً للغرب فلا يستطيع أبداً أن يواجه الغرب فضلاً عن أن يناهضه. والاستقلال الفكري ، التنظيم العلمي الجديد : ولابد للعالم الإسلامي من تنظيم العلم الجديد بما يوافق روحه ورسالته . بل لابد من الزعامة العلمية وما هي بالأمر الهين . بالاستعداد الروحي والاستعداد الصناعي والحربي والاستقلال التعليمي ينهض العالم الإسلامي ، الفصل الثاني زعامة العالم العربي وهذا جعل العالم العربي محط أنظار الغربيين ، محمد رسول الله روح العالم العربي : المسلم ينظر إلى العالم العربي بغير العين التي ينظر بها الأوربي والوطني العربي ، إنه ينظر إليه كمعهد الإسلام ومشرق نوره ومعقل الإنسانية ، ويرى أن العالم العربي استمد أهميته من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه روحه ، فإذا انفصل عن هذا زالت أهميته. إنما تحتاج هذه القضية إلى أناس يضحون بإمكانياتهم ومستقبلهم في سبل خدمة الإنسانية وأداء رسالتهم المقدسة ، إنه لا بقاء للإنسانية ولا قيام لدعوة كريمة بغير هؤلاء المجاهدين ، لذلك اختار الله العرب لأنهم كانوا الوحيدين المستعدين للتضحية عند البعثة. وقد وقف العالم في القرن السادس المسيحي على مفترق الطرق إما أن يتقدم العرب ويعرضوا كل ما يعز عليهم للخطر فيسعد العالم وتستقيم البشرية ، وإما أن يؤثروا شهواتهم فيبقى العالم في حمأ الضلالة والشقاء ، وقد أراد الله بالإنسانية خيراً وتشجع العرب – بما نفخ فيهم محمد صلى الله عليه وسلم من روح الإيمان – فقدموا أنفسهم فداء للإنسانية . وقد استدار الزمان كهيئته يوم بعث الرسول ووقف العالم على مفترق الطرق مرة ثانية إما أن يتقدم العرب – وهم أمة الرسول وعشيرته – إلى الميدان ويغامروا بنفوسهم ويخاطروا فيما هم فيه فينهض العالم من غثاره وتتبدل الأرض غير الأرض وإما أن يستمروا فيما هم فيه من طمع وطموح ، إنه لثمن قليل جداً لسلعة غالية جداً . وأن يحاربوا بكل قوتهم ما يضعف روح الرجولة . وقد اعتاد العرب حياة الترف والإسراف . وما دامت التخمة والجوع يزخران في مدينة واحدة ، وكانت الأمة كلها تعيش عيش الصعاليك . إن هذا العهد غير قابل للبقاء ، إنه لا مجال في الإسلام لأي نوع من أنواع الأثرة ، لأنها يجمع أنواعها ستنتهي وإن الإنسانية ستثور عليها وتنتقم منها انتقاماً شديداً . إيجاد الوعي في الأمة : إن أخوف ما يخاف على أمة ويعرضها لخطر هو فقدان الوعي في هذه الأمة ، إن الشعوب الإسلامية والبلاد العربية ضعيفة الوعي أو فاقدة الوعي وإن الأمم الأوربية – برغم عيوبها الكثيرة – قوية الوعي ، فمن أعظم ما تخدم به الأمة هو إيجاد الوعي في طبقاتها استقلال البلاد العربية في تجارتها وماليتها : وتربية الرجال ، ونشر الثقافة ، ونقل العلوم العصرية إلى اللغة العربية . ويستطع أن يتقلد زعامة العالم الإسلامي إلى قمة القبلة العلمية : ما أعظم التطور الذي حدث في تاريخ العرب على إثر بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وما أعظم النعمة التي أسبغها الله على العرب . لقد قام العالم الكبيرة على أساس العقيدة الواحدة ، هذه هي القيادة العالمية التي هيأتها البعثة المحمدية ،