كان بيرس رياضيا ومنطقيا قبل كل شيء، وكان همه الوحيد هو إيجاد معايير علمية ثابتة Psychologueلتحديد معاني الأفكار واختبار صدقها. ومربي ، وهمه الوحيد هو إجبار الجمهور الواسع على فهم أهمية بعض المشكلات وبعض النقاشات الفلسفية، إذ يرى بأنها ذات أهمية حقيقية للإنسانية لذلك فمن الضروري عدم التسرع في الحكم عليها بالسلب ورفضها كما فعلت العامة منذ القديم، وكما يتصرف العلماء والفلاسفة المعاصرون. ويجب بالمقابل التريث للبحث عن قيمتها العملية. وهي قواعد مختلفة جدا. ومادامت المسائل الفلسفية والدينية تتحول إلى قواعد متنوعة للسلوك الإنساني، فإن الاختيار بينها سيكون أمرا مهما ويح تاج إلى ضوابط. ويظن جيمس بأن البراغماتية هي المذهب الفلسفي الوحيد الذي يعطينا القدرة على اختيار قواعد سلوكنا المناسبة بطريقة مضبوطة وسهلة، وأكثر من ذلك فإنه يضمن لنا الاختيار الأفضل دائما وأبدا. قبل أن ينشئ المذهب البراغماتي كان بيرس كانطيا أما جيمس فلقد كان تجريبيا على طريقة الإنجليز قبل أن يتحول إلى البراغماتية. وهذا وجه آخر للاختلاف بينهما، وسبب عميق لتباين آرائهما الفلسفية. يعرف جيمس البراغماتية بأنها التجريبية عندما تصل أقصى نتائجها المشروعة، لذلك يعتبر البراغماتية امتدادا للتجريبية الإنجليزية. بل وقفت في وسط الطريق، لذلك يسميها جيمس L’empirisme التجريبية الناقصـة بينما يطلق على البراغماتية اسم التجريبية Inachevé 'empirisme Radical الجذريـــة L. يشرح جيمس السبب الذي منع التجريبية الإنجليزية عن التطور، ويرجعه إلى اكتفائها لتسجيل الظواهر السابقة، لذلك فإنها كانت تصوغ قوانين ثابتة وتسقط الماضي على المستقبل، وهذا ما جعلها تسقط في وهم آخر، وهو وهم وجود الحقائق الواحدة والنهائية انطلاقا من وهم الحقائق الكونية الثابتة والنهائية، والتي يكتم اكتشافها بالتدريج عن طريق العلم وحده، تبنت التجريبية الناقصة وهما آخر، وهو وهم العالم المنغلق والكامل والمنتظم تماما.