II/- محاولة حل المشكلة: 1/- الأطروحة: يرى أنصار الرياضيات الكلاسيكية أن نتائج الرياضيات مطلقة في اليقين انطلاقا من المبادئ التي تعتمدها و أساليب البرهنة التي لا تقبل الشك، فاعتبروا أن صدق المفاهيم الرياضية مصدره فكرة البداهة، والبديهيات أو الأوليات هي قضايا يقينية بذاتها لا تحتاج إلى برهان لأنها فطرية لدى الإنسان وقاسم مشترك بين جميع العقلاء. وقد ظل رينيه ديكارت معجبا بفكرة البداهة وجعلها من الأفكار الفطرية وأسس منهجه على أساسها حيث يقول: [ لا أتقبل شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا ]، لكن العقل يفترضها ويسلم بها كنظرية يبرهن بها ولا يبرهن عليها، وافترض أن شكل المكان سطح مستوي ذو ثلاث أبعاد وكذا مصادرة مجموع زوايا المثلث 180°، ويعتبر المنهج الرياضي الذي اعتمده وأساليب البرهنة فيه معيارا للصدق المطلق لأنها تعبر عن الانسجام المنطقي للعقل لاحترامها مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض، وبتطور الرياضيات في العصر الحديث تحطمت فكرة البداهة التي كانت معيارا لصدق المفاهيم الرياضية مما يتطلب النظر للقضية من وجهة نظر أخرى. مواضيع ذات صلة صفحة دروس و مقالات الفلسفة السنة الثالثة ثانوي المقالة الجدلية الثانية : بين الرياضيات الكلاسكية و الرياضيات المعاصرة لقد بدأت أزمة اليقين الرياضي مع ليبنيتز الذي رأى أنه إذا كان البناء الرياضي هو الذي يقوم على مجموعة من المبادئ واضحة بذاتها لا تحتاج إلى برهان فلماذا نشك في النسق الإقليدي إذا لم تكن مبادئه ليست بديهية بالمعنى الفطري للكلمة بل هي مجرد قضايا افتراضية وقد لقي هذا الطرح اهتماما كبيرا في القرن 20م فلاحظ العلماء الرياضيون المعاصرون أنه لا عيب ولا حرج في إعادة النظر في المبادئ الرياضية ورفضوا وجود مبادئ ثابتة بل هي مجرد منطلقات يمكن أن يضع الرياضي منها ما يشاء، وعلى هذا الأساس ظهر النسق الأكسيومي وحطم فكرة البداهة بتعدد الأنساق الرياضية على يد الرياضي الروسي لوباتشفسكي والرياضي الألماني ريمان، فقد افترض الأول شكلا مقعرا للمكان ومن ذلك استنتج أن مجموع زوايا المثلث أقل من 180° ، وافترض ريمان أن المكان ذو شكل كروي فاستنتج أن مجموع زوايا المثلث أكبر من 180°، فتعدد الأنساق الرياضية حسبهم دليل على نسبية هذا العلم لأن التعدد يدل على النسبية يقول بوليغان: [ إن كثرة الأنظمة في الهندسة لدليل على أن الرياضيات ليست فيها حقائق مطلقة ]، 14= π فالمفاهيم الرياضية إذن نسبية و ليست مطلقة.