المطلب الثالث: شروط صحة المعاهدات الدولية المتعددة األطرافتعتب ر المعاهدات الدولية عمل قانوني اتفاقي منظم للعالقات الدولية، في المجتمع الدولي إنما تنظيم التعاون الدولي أو تسوية المنازعات الدولية بين أشخاص المجتمع الدولي، فال بد من توفر مجمو عة من الشروط لصحة هذه المعاهدات، وبناءا على ما تقدم سنتطرق في هذا المطلب إلى فر وع اآلتية :➢ الفرع األول : الشروط الشكلية للمعاهدات الدولية ➢ الفرع الثاني : الشروط الموضوعية للمعاهدات الدوليةالفرع األول : الشروط الشكلية للمعاهدات الدوليةتعتبر المعاهدات عمل قانوني رضائي ، يتم كتابته بشكل مع ين وفقا لمراحل معينة ،كاآلتي:أوال: المفاوضات يقصد بها تبادل وجهات النظر المبدئية بين األطراف الراغبة والمهتمة بإبرام معاهدة دولية وتبدأ هذه ويعتمد هذا األسلوب في إبرام المعاهدات الجماعية خاصة في إطار المنظمات الدولية، نواكانت هذه المهمة في الوقت الحاضر مقصورة فقط على المعاهدات الدولية بالغة الخطورة،محمد يوسف علوان، المرجع السابق، د ارسات في القانون الدولي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1 ووزير الخارجية دون الحاجة إلى صدور وثيقة ا عتماد له كما ي قوم عملية التفاوض أشخاص يطلق عليهم إسم الممثلون المعتمدون من طرف الدول لدى المنظمة الدولية أو أحد أجهزتها بغرض ا عتماد نص معاهدة دولية في تلك المنظمة أو ذلك الجهاز، ويستثنى من األشخاص الذين يقومون بعملية التفاوض د ون وثائق تفويض،األشخاص اآلتي ة: 1 -رئيس الدولة، ورئيس الحكو مة ، وزير الخارجية.2 -رئيس البعثة الديبلوماسية للدولة المعتمدة عند التفاوض مع الدول المعتمد لديها.2 خاص.و يج ر ي العمل على تبادل وثائق التفويض، إما بشكل مباشر أو تسليمها إلى لجنة اإلعتماد التي يتم تشكيلها لهذا الغرض، عند التفاوض بإبرام معاهدة جماعية السيما من خالل مؤتمر دولي، وهذا نصت عليه المادة السابعة من إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 ،أكدت على منح رؤساء البعثات الديبلوماسية سلطة التفاوض مع الدول التي يمثلونها دونولدى المؤتمرات الدولية، لكن من المسلم به أن هذا النص يعتبر تحديد من قبل إتفاقية فيينا لسنة1969 ،وثم فال يسري مفعوله إلى مواجهة الدول التي صدقت على هذا اإلتفاق أو ان ضمت إليه دول غير أطراف فيه، فال يتصور أ ن تتصف قواعد اإلتفاق بالصفة العر فية متى 3 توافرت شروط العرف الدولي. ثانيا : التحرير ال يتصور أن تنتهي المفاوضات حول إبرام المعاهدات إال بواحدة من نتيجتين، إما الفشل ما النجاحوا ، وفي حالة النجاح يتم تحرير نص مكتوب له، موضوعه يكون غالبا ما تم توصل إليه خالل مرحلة التفاوض، ويتكون هذا النص من قسمين متميزين : الديباجة و منطوق/ متن 1 المعاهدة، :- قد تشمل الديباجة عادة على بيان أسماء الدول المتعاقدة أو بأسماء رؤساء الدول - قد تشمل في أغلب األحيان على بيان أسباب إبرام المعاهدة الدولية وعلى أهدافها؛- تعتبر الديباجة الرأي الراجح من أحكام المعاهدة الذي تمتع بوصف إل ازم المنطوق وان كانت أهميته هذه القوة الملزمة ال تبدو واضحة إالّ إذا إشتملت على حكموالمالحق ،2 موضوعي ال يشتمل عليه متن المعاهدة ذاتها .- أما صلب الموضوع ، يعني هو المنطوق "فهو مجموعة من المواد التي تبين األحكام التي يتم اإلتفاق عليها في المعاهدة و كثيرا ما تنقسم هذه المواد إلى "فصول" و "أبواب".- إلى جانب ذلك قد تلحق بالمعاهدة في بعض األحيان مالحق ، تضمن أحكام تفصيلية 3 أو تنظم "بعض المسائل الفنية حيث أن هذه المالحق لها نفس القوة الملزمة لمنطوق المعاهدة".لعل من أهم المشاكل المرتبطة بتحرير المعاهدة الدولية مشكلة ا ختيار اللغة التي ت كتب وهذا اإلشكال ال يظهر في حالة إذا كانت الدول لديها نفس اللغة، إذ تتم في هذه الحالة تحرير المعاهدة باللغة الرسمية،حالة إختالف اللغات الدول، ومن المتصور في هذه الحالة أن تلجأ الدول إلى اختيار أحد الحلول اآلتية : تحديد المعاهدة بلغة واحدة ذات إنتشار دولي ، سواء كانت لغة أحد األطراف أو لم تكن ، ولكن القول بأن أكثر اللغات إنتشارا في مجال العالقات الدولية باإلنجليزية ثم الفرنسية؛التفسير.3 -تحرير المعاهدة الدولية بأكثر من لغة ما لنص صراحة سواء بين هذه اللغات كلها،وفي حقيقة األمر أن هذه الطريقة تثير العديد من الصعوبات ألنه لكل لغة لها خصوصية تتميز عن غيرها من اللغات ولكن نالحظ أن هذه الطريقة أكثر إنتشارا فكل دولة تعبر بهويتها ثالثا : التوقيع إذا ما تم تحرير المعاهدة الدولية وفق ما تم اإلتفاق عليه في المفاوضات، يقوم ممثلو الدول بتوقيع على نص المعاهدة، واألصل أن هذا التوقيع ال يكفي إلنشاء اإللتزام إنما ينحصر األثر القانوني في التسجيل وينبغي أن يملك ممثلو الدول سلطة التوقيع ، فالتوقيع يعتبر بمثابة قبول مؤقت ، ويجب أن يليه إجراء آخر، هو التصديق إال أن إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات،أوردت حاالت استثنائية تك تسب فيها المعاهدة وصف اإللتزام ب مجرد التوقيع عليها .ما عدا تلك المعاهدات الدولية، في الحاالت المذكورة في المعاهدات ال يكون للتوقيع أيأثر قانوني قبل التصديق عليها، وهذا ما يثير اإلتفاقات التنفيذية ذات شكل المبسط على المعاهدات الدولية، فإن هذا التوقيع قد ي سبق التوقيع على المعاهدات باألحرف األولى ، أما التوقيع باألحرف األولى فال يترتب عليه أي أثر ، وال يتغير 1 التوقيع بالشر ط الرجوع إلى الدولة توقيعا كامال والينتج أثاره إال في حدود ما تحيزه دولة الممثل .رابعا: التصديق يقصد به ذلك اإلجراء الذي تقبل به الدول أو المنظمة الدولية اإللتزام بصورة نهائية إلحكام المعاهدة الدولية، وفق اإلجراءات الدستورية لكل دولة أو منظمة دولية، حيث يأتي عن طريق سلطة مختصة بالتزام الدولة على الصعيد الدولي، مثل رئيس الدولة أو غيره، حيث أن عملية التصديق ذات طبي عة داخلية، مع العلم أن إتفاقية فيينا 1986 في مادة 11 أن الوثيقة تستخدم عبارة التأكيد الرسمي، حيث نصت على أنه: " يجوز للدولة أن تعبر عن رضاها باإللت ازم بالمعاهدة للتوقيع أو التصديق أو القبول واإلنضمام إليها أو بأي وسيلة أخرى ليتماإلتفاق عليها.ويتم التصديق بشكل كتابي على الوثيقة التي تحتوي على النص الكامل للمعاهدة،ي وقع كل من ممثلي الدول وتسليمها كل طرف إلى آخر في المعاهدات الثنائية، وتسجل هذه الموافقة في محضر يسمى محضر تبادل الوثائق ، الذي يوقع عليه من قبل ممثلي األطراف حيث يحتفظ كل طرف بنسخة،حيث يكون التوقيع من كافة ممثلي الدول حيث تقوم جهة اإليداع حيث تقوم ب إخطار الدول ب إيداع هذه الوثيقة. غير أنه توجد حاالت ت كون فيها المعاهدة الدولية خالية من أي إشارة عن التصديق ،قسمينالفريق األول : يرى وجوب التصديق، ألن أهميته ترجع إلى إعتبارات عملية وقانو نية تتجسد في إعطاء الدولة فرصة أخيرة إلى إعادة النظر في معاهدة قبل اإللتزام ب مقتضاها، ومن الناحية القانونية، ت شت رط أغلب الدساتير التصديق لاللتزام مباشرة ب ها.الفريق الثاني: يرى إمكانية إجراء االستفتاء عن التصديق ، وال ي شرط التصديق في حالة 1 السكوت، وتدخل المعاهدة حيز النفاذ ب مجرد التوقيع عليها ويتم التصديق في المعاهدات الدولية الثنائية بتبادل وثائق التصديق، أما في المعاهدات فيتم إيداعها لدى األمانة العامة والتي بدورها تقوم ب إخطار باقي األطراف .وبالنسبة ل حرية الدولة في التصديق وأثاره، فإنه ال يوجد ما يجبر الدولة على إتمامه رغم سالمة اإلجراءات السابقة، حيث للسلطة التنفيذية للدولة مطلق الحرية في التصديق من عدمه، وتجدر اإلشارة أن التصديق من عمل واختصاص السلطة التشريعية وحدها .وتتحدد شروط صحة التصديق على المعاهدات الدولية في:1 -أن يصادق على المعاهدة دون أي قيد أو شرط.2 -أن يشمل التصديق المعاهدة بأكملها بطبعتها األصلية.3 -أن تكون كذلك تمت قبول التحفضات من قبل الدول أو عدم تعارض التحف ظات من 3 موضوع المعاهدة ويوجد نوع آخر للتصديق، يسمى بالتصديق الناقص، و يقصد به ذلك التصديق الذي لذلك اختلف الفقه في صحة المعاهدات كالتالي : المرجع السابق، ص 269 . منتصر سعيد حموده، القانون الدولي المعاصر، داراإلتجاه األول : يقر بصحة المعاهدات التي تتم التصديق عليها بالمخالفة للقواعد 1 الدستورية وذلك حفاظا على سالمة العالقات الدولية -اإلتجاه الثاني: وهو السائد في الفقه يرى أن المعاهدة باطلة وال تعد نافذة في دائرةالعالقات الدولية ما دامت لم تراع في التصديق عليها اإلجراءات الدستورية ، حيث أن هذا الرأي مؤسس على نقطة اإلحترام باإلختصاص الذي يباشره الب رلمان لتعبر عن الرضا الصحيح بااللتزام بالمعاهدة.اإلتجاه الثالث : وهو نتيجة للتوصل بين اإلتجاهين السابقين، فيرى أن المعاهدة صحيحة على أساس مسؤولية الدولية، فالقول ببطالن المعاهدة في مثل هذه الحاالت يؤدي إلى عدم 2 استقرار العالقات الدولية.خامسا: التحفظ على المعاهدات الدولية المتعددة األطرافي عر ف التحفظ في المادة 02 من الفقرة أ من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 بأنه إ عالن من جانب واحد أي ا كانت طبيعته أو تسميته يصدر عن الدولة بعد توقيعها أو تصديقها أو قبولها أو موافقتها أو اإلنضمام إليها، وتهدف به إلى إنشاء أو تعديل األثر القانوني 3 بأحكام معينة للمعاهدة الدولية من حيث سريانها على هذه الدولة وتتحدد مشروعية التحفظ بالنسبة للمعاهدة الدولية الثنائية ، من حيث أنه ال يثير أي إشكاالت قانونية، ألنه وفقا للرأي الراجح ي مثل تعدي ال ال يحدث أثره ما لم يقبل الطرف اآلخر 4 أما بالنسبة للمعاهدات متعددة األطراف فهناك عدد من اال تجاهات الفقهية :1 -اإلتجاه القائم على أساس فكرة السيادة: تجيز هذه النظرية إبداء التحفظات على المعاهدات الدولية على أساس أنه عمل من أعمال السيادة، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدوليفي ال أري اإلستشاري في 28 ماي 1951 ،استجابة لطلب الجمعية العامة لألمم المتحدة بـ 17 نوفمبر 1950 ،وقد ان ت قد هذا االتجاه على أساس أنه يحدث تناقض في حالة اإلستعمال المطلق لفكرة السيادة.2 -اإلتجاه القائم على أساس رفض التحفظ بغير عمل من أعمال السيادة: يرى فقهاء هذا االتجاه بأن ه من حق الدول االطراف رفض التحفظ الذي تبديه دولة أخرى بحيث يحقلهؤالء اإلعتراض على التحفظ، غي ر أن هذا اال تجاه يؤدي إلى تمكين دولة واحدة من تقوية مصالحها على حساب مصالح أطراف أخرى، كما أن هذا اإلتجاه يتناقض مع فكرة السيادة أيضا.3 -اإلتجاه الثالث القائم على أساس إبداء التحفظ من ناحية إقرار اال عتراض :يذهب هذا اإلتجاه إلى التو في ق بين اإلتجاهين السابقين، و ال شك في أن هذا التو في ق سمح ب قيام عالقة إتفاقية على إتمامه، رغم سالمة اإلجراءات السابقة،